أقام النائب فؤاد مخزومي مأدبة عشاء في دارته مساء أمس، على شرف المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان جاك دو لاجوجي، والسفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية.
وفي كلمته الترحيبية، قال مخزومي: "يسرّنا أن نرحّب بكم هذا المساء في هذا اللقاء الذي يجمعنا لتكريم المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان جاك دو لاجوجي، والسفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو. نحن ممتنون جدًا لحضورهما، وللصداقة المتينة والدعم الثابت الذي تقدّمه فرنسا للبنان في هذه المرحلة الدقيقة والمصيرية. لقد وقفت فرنسا دائمًا إلى جانب لبنان في أوقات الشدّة كما في أوقات الأمل، ويظلّ التزامها تجاه تعافي لبنان الاقتصادي وإصلاحه وسيادته حجر الأساس في انخراط المجتمع الدولي مع وطننا، ودليلًا على الروابط التاريخية والإنسانية العميقة التي تجمع شعبينا".
وأضاف، "إن نقاش هذا المساء لا يتناول فقط الإصلاحات التي يجب على لبنان تنفيذها، بل أيضًا معناها الحقيقي. فالإصلاح ليس شأناً اقتصادياً فحسب، بل هو مسألة سيادة واستعادة سلطة الدولة وإعادة بناء مؤسساتها، والأهم إعادة الثقة بين الشعب اللبناني وحكومته".
وتحدث مخزومي بإسهاب عن أبرز الإصلاحات التي يراها ضرورية للنهوض بالبلاد، موضحاً أنها تشمل:
إصلاحات مالية وهيكلية، تبدأ بإعادة هيكلة القطاعين المصرفي والمالي، وإجراء تدقيق جنائي شفاف لتحديد الفجوات المالية الحقيقية في القطاعين العام والمصرفي.
تحقيق استدامة الدين واستعادة المصداقية المالية عبر سياسات مسؤولة وتعاون بنّاء مع صندوق النقد الدولي، مؤكداً أن الاتفاق الموثوق مع الصندوق يشكل ركيزة أساسية لاستعادة الثقة واستقرار الاقتصاد وفتح باب الدعم الدولي.
مكافحة الاقتصاد النقدي والقطاع غير الرسمي اللذين يغذيان الفساد ويضعفان الرقابة الحكومية.
إعادة هيكلة القطاع العام ليصبح أكثر كفاءة وشفافية وتركيزًا على الخدمة العامة.
إصلاح المرافق الأساسية كالكهرباء والمياه والاتصالات، لتأمين خدمات عامة موثوقة وميسورة ومستدامة، باعتبار أن تحديث هذه القطاعات شرط أساسي لاستعادة الإنتاجية وثقة المواطنين.
تفعيل المؤسسات العامة المملوكة للدولة لتعمل وفق مبادئ الشفافية والمساءلة والكفاءة، وتحويلها من عبء على الخزينة إلى محرّكات للنمو.
إعادة بناء البنية التحتية الحيوية من شبكات النقل والطاقة إلى إدارة النفايات، بما يعزز الصمود والمسؤولية البيئية والتكامل الإقليمي.
فرض الشفافية وضبط الحدود لوقف التهريب وتأمين إيرادات الدولة.
وشدّد مخزومي على أن "جوهر السيادة اللبنانية يكمن في احتكار السلاح تحت سلطة الدولة"، مؤكداً أن "لا إصلاح ولا مساءلة ولا حوكمة سياسية فاعلة ولا استقلال حقيقي طالما بقي السلاح خارج سلطة الدولة اللبنانية". وقال:
"نزع سلاح جميع الميليشيات، بما فيها حزب الله والفصائل الفلسطينية وغيرها، ليس خياراً سياسياً بل ضرورة وطنية، لأن الدولة السيادية لا يمكن أن تتعايش مع مراكز قوى متعددة، وسيادة القانون لا يمكن أن تزدهر في ظل سلاح خارج عن القانون".
كما دعا إلى استكمال ترسيم حدود لبنان مع إسرائيل وسوريا وقبرص لضمان السيادة والاستقرار، مؤكداً أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وضمان مشاركة المغتربين اللبنانيين الذين يشكلون "شريان حياة للبنان".
وأوضح أن "هذه الإصلاحات السياسية والمالية والهيكلية والعسكرية والأمنية تشكّل معاً رؤية واحدة للبنان السيادي الذي تحكمه مؤسساته الشرعية وحدها، ويكون مسؤولًا أمام مواطنيه فقط، لا أمام أي جهة أخرى".
وختم مخزومي قائلاً: "السيد دو لاجوجي، السفير ماغرو، إن حضوركما هذا المساء يجسّد الشراكة الدائمة بين لبنان وفرنسا — شراكة تقوم على القيم المشتركة والاحترام المتبادل والإيمان المشترك بأن نهوض لبنان ممكن وملحّ. فلنجعل من هذا اللقاء تذكيراً بأن الحوار والتعاون والشجاعة هي الأدوات الحقيقية للإصلاح والتغيير السياسي المستدام. معاً، يمكننا أن نساعد لبنان على النهوض — لا كدولة منقسمة، بل كأمة موحّدة، ذات سيادة في سلطتها، وشفافية في حوكمتها، وثقة في مستقبلها".