تتصدر قضية المعادن النادرة واجهة السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في ظلّ سعي واشنطن الحثيث إلى إيجاد مصادر بديلة تضمن استمرار هيمنتها الاقتصادية بعيدًا عن القيود الصينية المتزايدة.
ووفق تقريرٍ لموقع "أكسيوس"، تواجه الولايات المتحدة مأزقًا حقيقيًا في ملف إمدادات المعادن النادرة، بعدما أظهر الرئيس الصيني شي جين بينغ استعداده لاستخدامها كورقة ضغط. ولهذا السبب، كان ترامب مصرًّا على توقيع هدنة تجارية مؤقتة مع بكين لمدة عام واحد، إلى حين إيجاد بدائل جديدة.
ويشير التقرير إلى أنّ السبب الأساسي وراء اندفاع الولايات المتحدة نحو تأمين تلك المعادن يعود إلى أهميتها في الصناعات الحيوية، مثل الطائرات المقاتلة وتوربينات الرياح.
وردّت الصين على الرسوم الجمركية الأميركية بفرض ضوابط على تصدير المعادن النادرة، ما دفع ترامب إلى إبرام صفقة موقتة وافق بموجبها شي على تعليق القيود لمدة عام، رغم أن اتفاقات سابقة مماثلة انهارت قبل موعدها.
وأكد التقرير أنّ أزمة المعادن الأرضية النادرة شكّلت مصدر قلق كبير للبيت الأبيض، وأطلقت سباقًا دبلوماسيًا للبحث عن الموارد المعدنية في مختلف أنحاء العالم.
وقالت غريسلين باسكاران، مديرة برنامج أمن المعادن الأساسية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إنّ "المعادن أصبحت اليوم أقوى أداة مالية في السياسة الخارجية".
ولتفادي المأزق الصيني، وقّع ترامب ثلاث اتفاقيات تتعلق بالمعادن الأساسية خلال جولته الآسيوية، قبل لقائه شي، كما دعا خمسة قادة من آسيا الوسطى الغنية بالموارد إلى البيت الأبيض.
وخلال 72 ساعة فقط، أعلنت الإدارة الأميركية استثمارًا بقيمة 1.2 مليار دولار في شركتين ناشئتين في مجال المعادن الأرضية النادرة، إلى جانب صفقة جديدة مع كازاخستان، التي أعلنت مؤخرًا عن اكتشاف هائل للمعادن الأرضية النادرة.
كما طرحت إدارة ترامب على الأرجنتين خيار مقايضة المعادن النادرة بشطب الديون، واستخدمت الملف نفسه كأداة في محادثات السلام بأوكرانيا، وضمن المفاوضات التجارية مع أستراليا والبرازيل واليابان.
وأوضح التقرير أنّ اهتمام ترامب بالسيطرة على غرينلاند يرتبط إلى حدّ كبير برغبته في استغلال ثرواتها المعدنية الهائلة في المنطقة القطبية الشمالية.
وتُعدّ الصين اللاعب المهيمن في هذا المجال، إذ تُعتبر المصدر الوحيد أو المسيطر على ثمانية من أصل تسعة معادن نادرة تمثّل انقطاع إمداداتها خطرًا مباشرًا على الاقتصاد الأميركي، ومن بينها السماريوم المستخدم في صناعة المغناطيسات للطائرات النفاثة والصواريخ.
كما أصبحت الحكومة الأميركية المساهم الرئيسي في منجم المعادن الأرضية النادرة الوحيد في البلاد، وتسعى مع حلفائها مثل أستراليا إلى كسر الهيمنة الصينية على استخراج ومعالجة تلك المعادن.
ووصل تأثير هذا الصراع إلى القارة الإفريقية، حيث تحوّلت المعادن إلى محور نزاع جديد تتوسط فيه الولايات المتحدة بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
ونقل التقرير عن مصدر مطّلع قوله إنّ إدارة ترامب تسعى إلى إدراج ملف المعادن في محادثات السلام، واستغلال تلك الفرص لتمكين الشركات الأميركية من التوسع في هذا القطاع الاستراتيجي.