مع استمرار أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، بدأت تداعيات الأزمة تمتد خارج البلاد، حيث يشعر آلاف العاملين المحليين في القواعد العسكرية الأميركية بالخارج بوطأة التوقف الحكومي، بعدما توقفت رواتبهم منذ نحو ستة أسابيع.
وفي إيطاليا، لم يتقاضَ نحو 2000 عامل من أصل 4600 موظف محلي يعملون في القواعد الأميركية، خصوصًا في أفيانو وفيتشينزا، رواتبهم لشهر تشرين الأول، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية.
وقال أنجيلو زاكاريا، وهو منسق نقابي في قاعدة أفيانو الجوية: "إنها حالة عبثية... لا أحد يجيب، ولا أحد يشعر بالمسؤولية". وأضاف أنّ الوضع "يؤثر بشكل دراماتيكي على العائلات التي تكافح لدفع الإيجار وتغطية نفقات الأطفال وحتى ثمن الوقود للذهاب إلى العمل".
وفي البرتغال، يعاني أكثر من 360 موظفًا برتغاليًا في قاعدة لاجيس بجزر الآزور من تأخر الرواتب رغم استمرارهم في العمل، إذ لا تعترف الاتفاقية القاعدية بمبدأ "الإجازة الإلزامية" (furlough)، ما يعرّضهم لعقوبات في حال التغيب. لكن الحكومة الإقليمية للآزور تدخلت هذا الأسبوع، ووافقت على تقديم قرض مصرفي لتغطية الرواتب مؤقتًا بانتظار السداد من الجانب الأميركي لاحقًا.
أما في ألمانيا، فقد اتخذت الحكومة إجراءً استباقيًا لتجنّب الأزمة، حيث غطت رواتب نحو 11,000 موظف مدني محلي يعملون في القواعد الأميركية، من بينها قاعدة رامشتاين الجوية. وأوضحت وزارة المالية الألمانية أنّ الولايات المتحدة ستسدد المبالغ بعد انتهاء الإغلاق، كما حدث في سوابق مماثلة.
لكن هذه الحماية لم تشمل جميع الدول. ففي بولندا وليتوانيا وغرينلاند، لم تصدر ردود رسمية حول أي تدابير مساندة. أمّا في إسبانيا، حيث تقع قاعدتا مورون وروتا، فقد تمّ حلّ أزمة تأخير الرواتب الشهر الماضي بمساعدة الحكومة الإسبانية، وفق ما أكدت نقابة تمثل أكثر من ألف موظف، رغم عدم صدور تأكيد رسمي من وزارة الدفاع الإسبانية.
من جهتها، أوضحت أمبر كيلي-هيرارد، المتحدثة باسم قوات الجو الأميركية في أوروبا وأفريقيا، أنّ العاملين المحليين مطالبون بالاستمرار في أداء مهامهم بموجب عقودهم، فيما رفض البنتاغون التعليق على تفاصيل الأزمة، مكتفيًا ببيان قال فيه: "نحن نثمّن مساهمات موظفينا المحليين حول العالم".
بدورها، أشارت ليندا بيلمز، أستاذة السياسة العامة في جامعة هارفارد، إلى أنّ المتعاقدين المحليين هم الأكثر تضررًا خلال الإغلاقات الحكومية، مضيفة أنّ "العقود عادة لا تغطي تأخيرات طويلة كهذه".
ويُعتبر هؤلاء العاملون جزءًا أساسيًا من منظومة العمليات العسكرية الأميركية، إذ يشغلون وظائف حيوية في الخدمات الغذائية، والصيانة، والبناء، والخدمات اللوجستية. ومع استمرار الجمود السياسي في واشنطن، يبقى مصير آلاف العائلات معلّقًا في الهواء، في غياب أي خطة طوارئ واضحة لحمايتهم.