ليبانون ديبايت - محمد المدني
في عز أزمة التفاوض بين لبنان وصندوق النقد الدولي ومع غياب أي حلول جدية لازمة المصارف وأموال المودعين ومع ارتفاع وتيرة العقوبات الأميركية على كل ما يتعلق بحزب الله، شهد قصر بعبدا زيارة لافتة لوفد من وزارة الخزانة الأميركية التقى رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون.
زيارةٌ جاءت في توقيتٍ حساس، يعكس اهتمام الولايات المتحدة بمسار الوضع اللبناني، وبخاصة في ما يتعلّق بالاستقرار النقدي والمالي، الذي بات يشكّل أحد مفاتيح الاستقرار السياسي الداخلي.
وبحسب المعلومات، تمحور اللقاء حول ملف اقتصاد "الكاش" الذي يشهد تفلتًا متزايدًا في السوق اللبنانية، نتيجة توسّع حركة التداول النقدي خارج النظام المالي الرسمي، وغياب آليات فعّالة للرقابة. هذا الملف يشكّل محورًا أساسيًا في أي مقاربة إصلاحية، وتتابعه وزارة الخزانة الأميركية عن كثب، نظرًا لتأثيره المباشر على الشفافية المالية وعلى التزامات لبنان في التعاون الدولي.
وفي موازاة ذلك، تناول البحث واقع القطاع المصرفي اللبناني والتحديات التي تواجهه في ظل الظروف الراهنة. وقد شدّد الوفد الأميركي، بحسب مصادر مطلعة، على أهمية إعادة بناء الثقة بين المصارف والمودعين، وتفعيل التعاون بين المؤسسات المالية اللبنانية والهيئات الرقابية الدولية، بما يضمن التزام المعايير المعتمدة في الأسواق العالمية.
كما عبّر الوفد عن اهتمام اميركا بمسار الإصلاحات المالية والمصرفية الجارية، مشيدًا بالخطوات التقنية المتخذة في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الأنشطة غير المشروعة، ومؤكدًا أن استمرار التنسيق بين مصرف لبنان والخزانة الأميركية يُعدّ عاملًا أساسيًا للحفاظ على الاستقرار المالي في المدى القريب.
إلا أنّ مصادر سياسية رأت في الزيارة أبعادًا تتجاوز الشق المالي البحت، معتبرةً أن الوفد الأميركي حمل أيضًا رسالة دعم للرئيس جوزيف عون، في ظل المرحلة الحساسة والحرجة التي يمر بها لبنان. فالإدارة الأميركية، وفق المصادر، تتابع عن كثب المخاض السياسي المرتبط بموقع الرئاسة الأولى، وتعتبر أنّ الحفاظ على هذا الموقع واستقراره يشكلان عنصر توازن ضروريًا في المشهد اللبناني العام.
وبين سطور الزيارة، يظهر أن واشنطن تسعى إلى ربط الاستقرار النقدي بالاستقرار السياسي، معتبرةً أن أي معالجة اقتصادية حقيقية تحتاج إلى مظلة سياسية ثابتة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة واستعادة ثقة الداخل والخارج.
وفي هذا السياق، يلاحظ مراقبون أن الزيارة تأتي في إطار توجه أميركي أوسع لـ"تمكين" رئيس الجمهورية وتثبيت موقعه خلال المرحلة المقبلة، بما يعزز قدرة لبنان على مواجهة تحدياته الاقتصادية والسياسية. فالرسائل الأميركية الضمنية توحي بأن واشنطن ترى في عون حجر زاوية للاستقرار، وتسعى إلى دعم دوره كخط دفاع أول في مواجهة الأزمات المتشابكة التي يمر بها لبنان.