يُصرّ الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" على أنّ الضربات الأميركية في صيف العام الماضي "سحقت برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم"، إلا أنّ مسؤولين إقليميين ومحللين باتوا أقلّ اقتناعاً بهذه الرواية مع مرور الأشهر، ويحذّرون من أنّ "اندلاع جولة جديدة من الحرب بين إسرائيل وإيران مسألة وقت فقط".
الاتفاق النووي الموقّع عام 2015 "انتهت صلاحيته الشهر الماضي"، وأُعيد فرض العقوبات المشددة على إيران، فيما تبدو مفاوضات البرنامج النووي "متوقفة تماماً". أما مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، الكافي لصنع "11 سلاحاً نووياً"، فهو إمّا "مدفون تحت الأنقاض" كما تقول طهران، أو "نُقل إلى مكان آمن" بحسب تقديرات المسؤولين الإسرائيليين.
وتواصل إيران تطوير موقع تخصيب جديد يعرف باسم "جبل الفأس"، وترفض السماح للمفتشين الدوليين بدخوله أو دخول أي موقع آخر "غير معلن رسمياً".
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، قال "علي فايز"، مدير مشروع إيران في "مجموعة الأزمات الدولية"، إنّ ردّ طهران على أي هجوم إسرائيلي جديد سيكون "أقل تقييداً بكثير" مما كان عليه في حزيران. وأوضح أنّ مسؤولين إيرانيين أبلغوه بأن "مصانع الصواريخ تعمل على مدار الساعة"، وأنهم "يأملون في إطلاق ألفي صاروخ دفعة واحدة لإرباك الدفاعات الإسرائيلية، بدلاً من 500 صاروخ خلال 12 يوماً" كما حدث في حزيران.
وأضاف فايز أنّه "لا توجد مؤشرات على هجوم وشيك"، لكن "إسرائيل تشعر أن المهمة لم تُنجز بالكامل، ولا ترى سبباً يمنعها من استئناف القتال"، ما دفع إيران إلى "مضاعفة استعداداتها للجولة المقبلة".
ومنذ حزيران، تحذّر إسرائيل من أنّها "ستهاجم إيران مجدداً إذا اقتربت من إنتاج سلاح نووي"، وهو ما "تنفيه طهران". وتقول إسرائيل إنّها "أضعفت البرنامج النووي الإيراني لكنها لم تدمره"، جزئياً لأن "ترامب أوقف الحرب في وقت مبكر خلافاً لرغبتها".
وقال المرشد الإيراني "علي خامنئي" إنّ "العداء الأميركي لإيران عميق"، وإنّ "الطبيعة المتغطرسة لأميركا لا تقبل سوى الاستسلام"، وذلك في ذكرى "اقتحام السفارة الأميركية في طهران في 4 تشرين الثاني 1979"، في خطوة بدت كأنها تهدف إلى "قطع الطريق على أي مفاوضات نووية جديدة".
وفي ظلّ الجمود الدبلوماسي، يدور داخل إيران "نقاش حول الخطوة التالية"، بحسب مدير مشروع إيران في "مجموعة الأزمات الدولية"، وسط "قلة من الخيارات الجيدة". فبعض المسؤولين "يريدون التسوية مع ترامب"، معتبرين أنّ البلاد "عاجزة حتى عن إبقاء الكهرباء"، وأنّ "المواجهة المستمرة تخدم إسرائيل وقد تقوّض الحكومة بفعل الضغوط الداخلية".
في المقابل، يفضّل آخرون "المواجهة"، مقتنعين بـ"استحالة التعامل مع ترامب" الذي "انسحب من اتفاق 2015 ثم قصف إيران لمصلحة إسرائيل أثناء جولة جديدة من المفاوضات"، لكن الطرفين يتفقان على أنّ "جولة جديدة من المواجهة مع إسرائيل حتمية".