التفاوض مع إسرائيل... سلامة يؤكد انفتاح لبنان على دعم أجنبي لترميم الآثار

أكد وزير الثقافة غسان سلامة أنّ "لبنان قادر على تنفيذ الإصلاحات رغم التحديات"، مشدداً على أن "القيمة الحقيقية تكمن في السعي والجهد لا في النتيجة"، لافتاً إلى أن "كل لحظة هي مناسبة للإصلاح مهما كانت الظروف صعبة".

وجاء كلام سلامة في حديثٍ عبر تلفزيون لبنان، حيث تناول فيه ملفات الإصلاح الإداري، التراث الثقافي، والتحديات الحكومية في ظل الأوضاع الراهنة.

أوضح وزير الثقافة أن الطائفية السياسية "امتدت إلى الإدارة العامة خلال السنوات الماضية"، معتبراً أنّ "الطائفية الإدارية أصبحت أحد أبرز أسباب الفساد في لبنان"، ومعبّراً عن أسفه لـ"غياب الجرأة في التعيينات الإدارية".

ودعا سلامة إلى تطبيق المادة 95 من الدستور التي تنص على عدم تخصيص أي منصب لطائفة معيّنة، مؤكداً أن "النهج الطائفي يضعف الكفاءة ويغذّي الفساد".

في الشقّ الإقليمي، نقل سلامة عن رئيس الجمهورية جوزاف عون تأكيده أن "حلّ القضية الفلسطينية يبقى مفتاح استقرار المنطقة"، مشيراً إلى أنّ استمرار حرمان الفلسطينيين من حق تقرير المصير "يفاقم التوترات الإقليمية".

وأضاف أن لبنان "يواجه تداعيات الأحداث الأخيرة في غزة"، لافتاً إلى أن "التمسك بالقرارات الدولية، خصوصاً القرار 1701 وترتيبات 2014، يؤمّن حماية للبلاد في ظل ميزان قوى يميل لصالح إسرائيل".

وأكد أن الجيش اللبناني "ينفذ مهامه بدقة وفق القرارات الدولية، مع التركيز على السلم الداخلي"، مشيراً إلى أن التفاوض مع إسرائيل "يقتصر على ملفات تقنية محددة كترسيم الحدود البحرية ومياه الوزاني، وليس سياسياً".

تحدث سلامة عن جهود وزارة الثقافة في حماية التراث الممتد لستة آلاف سنة، مشيراً إلى التعاون مع متبرعين أجانب ومنظمات دولية، بينها منظمة "الف"، لترميم مواقع أثرية في قاديشا، صور، وطرابلس.

وأوضح أن الأولوية تُمنح للمواقع المهددة بالانهيار، كاشفاً عن أن مديرية الآثار العامة "من أفضل المديريات في الدولة"، رغم تأثرها بالعدوان الإسرائيلي الأخير على مواقع كقلعة شمع وبعلبك.

كما أشار إلى أن ترميم قلعة شمع تأخر بسبب تجميد الأموال الإيطالية المخصّصة له في المصارف اللبنانية، والبالغة نحو 3 إلى 4 ملايين دولار.

وفي ما خصّ ملف آثار الباشورة، أوضح أن "القضية عمرها أكثر من 15 سنة"، مشيراً إلى أن السور الروماني فُكك منذ أكثر من عقد، وأن الوزارة تتابع المواقع المتبقية.

أما في شأن مغارة جعيتا، فأكد أن "وزارة الثقافة غير مسؤولة عن المواقع الطبيعية"، محمّلاً بلدية جعيتا مسؤولية ما جرى، ومعتبراً أنّ "وزيرة السياحة تعرّضت للظلم في هذا الملف".

استعرض سلامة خطة إنعاش مدينة طرابلس، مشيراً إلى حصولها على قرض من البنك الدولي مكّن من ترميم عدد كبير من الأسواق القديمة، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية.

وقال إن "إدراج طرابلس على لائحة التراث العالمي لليونسكو يحمّل الوزارة مسؤولية إضافية"، كاشفاً عن مشروع لترميم القصبة القديمة التي تضم نحو 900 منزل، منها 300 مهددة بالانهيار.

تطرق سلامة إلى التحديات التي واجهتها الحكومة منذ توليها مهامها، مشيراً إلى "عجز مالي هائل وانهيار القطاع المصرفي وهجرة الكفاءات"، مؤكداً أن "الإدارة العامة كانت في حالة فوضى مع آلاف الوظائف غير المنتجة".

ولفت إلى أن الحكومة تعمل على "إعادة هيكلة القطاعات الاستراتيجية كالطاقة والاتصالات والصناعة"، مع إصلاح آليات التوظيف لضمان الكفاءة.

أشاد وزير الثقافة بانتشار الجيش في الجنوب، مشيراً إلى أن "9200 عنصر ينتشرون في مناطق لم يدخلها الجيش منذ نصف قرن"، معتبراً ذلك "تحسّناً ملموساً في الأداء الميداني".

كما أشار إلى نجاح وزارة الشؤون الاجتماعية في برنامج "أمان" الذي يغطي 800 ألف لبناني تحت خط الفقر، موضحاً أن الحكومة تعمل على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

كشف سلامة عن إطلاق مبادرة لتوزيع مئات الكتب على 50 مكتبة بلدية منتصف كانون الأول المقبل، بتمويل من منحة قيمتها نصف مليون دولار، لتطوير البنية التكنولوجية والبصرية في المكتبات.

ختم وزير الثقافة حديثه بالتأكيد على أنّ الحكومة اللبنانية "تعمل بجدية وتعاون وثيق بين الوزراء"، معرباً عن ارتياحه لأداء الفريق الحكومي رغم حجم التحديات، وقال: "ضميري مرتاح، والمسؤولية كبيرة، لكن الأمل لا يزال قائماً في بناء دولة حديثة تليق باللبنانيين".