المحلية

الجزيرة
الأربعاء 12 تشرين الثاني 2025 - 16:22 الجزيرة
الجزيرة

عملة واحدة تحكم العالم... "الأخضر" الأميركي محور الاقتصاد الدولي

عملة واحدة تحكم العالم... "الأخضر" الأميركي محور الاقتصاد الدولي

في ظلّ التقلّبات المالية والاضطرابات السياسية التي يشهدها العالم، لجأت بعض الدول إلى التخلي عن عملتها الوطنية، طوعًا أو نتيجة أزماتها الداخلية، واعتماد الدولار الأميركي كعملة رسمية أو شبه رسمية.


فمن الإكوادور في أميركا اللاتينية إلى لبنان والصومال، يعيش ملايين الأشخاص على إيقاع "الأخضر" الأميركي، في مشهد يعكس النفوذ المالي للولايات المتحدة وقدرة الدولار على فرض حضوره في الاقتصادات الصغيرة والمتعثرة التي ترزح تحت وطأة الحروب والأزمات.


ويُعد الدولار الأميركي العصب المحرّك للاقتصاد العالمي، إذ يتغلغل بعمق في شرايين التجارة الدولية والأسواق المالية والنظام النقدي، وتُستخدم قيمته معيارًا لتسعير السلع الأساسية كالنفط والذهب، فضلًا عن كونه مقياسًا لثقة المستثمرين واستقرار الاقتصادات حول العالم.


كما تنعكس قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مباشرة على تدفقات رؤوس الأموال وأسعار الفائدة والتضخم والنمو في الدول كافة، مما يجعل السياسة النقدية الأميركية ذات تأثير عابر للحدود، وفق منصة "أوكس جورنال".


هذا النفوذ جعل من الدولار أداة قوة اقتصادية وجيوسياسية بيد واشنطن، إذ ترتبط العديد من الاقتصادات النامية والناشئة به كليًا أو جزئيًا في ما يُعرف بظاهرة "الدولرة"، أي استخدام الدولار الأميركي في المعاملات المالية اليومية أو في الاحتياطيات الرسمية إلى جانب العملة المحلية أو بدلًا عنها.


وفي خضمّ التوترات بين واشنطن وبكين، يناقش مسؤولون في إدارة الرئيس دونالد ترامب مبادرات لتوسيع نطاق الدولرة في دول مختارة، من بينها الأرجنتين التي تواجه أزمة نقدية واقتصادية حادة، وذلك لمواجهة محاولات الصين تقويض هيمنة الدولار عبر الترويج لاستخدام اليوان في التجارة العالمية، وفق تقرير سابق لـ"الجزيرة نت".


ويُظهر تقرير صندوق النقد الدولي أن الدولار لا يزال يحتفظ بمكانته كعملة الاحتياط العالمية الأولى، إذ شكّل 56.32% من إجمالي الاحتياطيات العالمية بنهاية الربع الثاني من عام 2025، متراجعًا بـ1.47% عن الربع الأول، في حين بلغت حصة اليورو 21.13% خلال الفترة نفسها.


ورغم تفوّقه، سجّل مؤشر الدولار الأميركي تراجعًا بأكثر من 10% خلال النصف الأول من عام 2025، في أكبر انخفاض له منذ عام 1973، ما يعكس حجم الضغوط التي يواجهها في المشهد الاقتصادي المتقلب.

ووفق شركة التكنولوجيا المالية "سترايب"، يُستخدم الدولار الأميركي على نطاق واسع في:


التجارة والمعاملات الدولية.


القروض والاعتمادات والديون السيادية.


تسعير السلع الإستراتيجية كالنفط والذهب والمعادن.


الاستثمار والادخار كمخزن للقيمة في فترات الأزمات.


التأثير في أسعار الصرف والتوازن الاقتصادي العالمي.


وبسبب هذه القوة الهائلة، تختار العديد من الدول استبدال عملتها بالدولار لتحقيق الاستقرار ومكافحة التضخم، سواء بسياسة رسمية أو كردّ فعل من السوق بعد فقدان الثقة بالعملة المحلية، وفق "إنفستوبيديا".

وتوضح شركة "CFI" أن الدولرة قد تكون كاملة، باستبدال العملة المحلية كليًا، أو جزئية من خلال اعتماد الدولار إلى جانبها، كما هو الحال في دول عدة.

مزايا الدولرة


تعزيز الاستقرار النقدي باستخدام عملة قوية تحظى باعتراف عالمي.


جذب الاستثمارات الدولية بفضل الثقة والاستقرار المالي.


تحسين البيئة الاقتصادية والتجارية للدول النامية.


تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر وتقليل مخاطر تحويل العملات.


ضمان تدفق نقدي أكثر استدامة للشركات والمستثمرين.


ورغم مزاياها، فإن الدولرة تُضعف سيادة الدول على سياساتها النقدية، وتجعلها خاضعة لتقلبات السياسة الاقتصادية الأميركية، إذ تؤدي إلى فقدان الاستقلال النقدي والارتباط السياسي والاقتصادي بواشنطن، كما تُعرّض الدول لخطر القيود أو العقوبات على استخدام الدولار، وتُفاقم هشاشة البنية المالية المحلية واعتمادها على الخارج، إضافة إلى احتمالية انسحاب الشركات الأجنبية عند تغيّر الظروف الاقتصادية.


أبرز الدول التي تعتمد الدولار كليًا: الإكوادور، السلفادور، تيمور الشرقية، جزر فيرجن البريطانية، جزر توركس وكايكوس، زيمبابوي، ميكرونيسيا، بالاو، جزر مارشال، وبورتوريكو.


أبرز الدول التي تعتمد الدولار جزئيًا: لبنان، الصومال، كمبوديا، كوستاريكا، هندوراس، غواتيمالا، جامايكا، المكسيك، نيكاراغوا، وبربادوس.


وفي الختام، تُعد الدولرة خيارًا اقتصاديًا معقدًا يحمل مزيجًا من الفرص والمخاطر، فهي تمنح استقرارًا نقديًا وجاذبية استثمارية على المدى القصير، لكنها في المقابل تقيّد السيادة المالية وتربط الاقتصادات النامية بعجلة القرار الأميركي. لذا، يبقى تبنّيها رهن توازنٍ دقيق بين الاستقرار المالي والاستقلال الاقتصادي.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة