شدّد وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي على أنّ لا خطر يتهدّد أي طائفة في لبنان، مؤكداً أنّ طموح اللبنانيين، على اختلاف انتماءاتهم، هو العيش معاً في بلد طبيعي لا سلاح فيه إلّا السلاح الشرعي، ولا قرار فيه إلّا للدولة اللبنانية، بعيداً عن أي تدخل خارجي، بحيث يعيش المواطنون بسلام وتحت سقف القانون.
وبعد لقائه وزير خارجية هنغاريا بيتر سيارتو، أعرب رجي عن أمله بأن تسهم بودابست، بالتعاون مع المجتمع الدولي، في الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها اليومية على لبنان، والانسحاب من الأراضي المحتلة، والإفراج عن الأسرى. كما شدّد على أهمية الدور الهنغاري داخل الاتحاد الأوروبي للمساعدة في معالجة ملف النازحين السوريين، وإقناع الدول الأعضاء بتوفير المساعدات اللازمة لتأمين عودتهم إلى بلادهم.
من جهته، أكد الوزير سيارتو استمرار دعم هنغاريا للبنان، معتبراً أن استقراره يشكل شرطاً أساسياً للسلام في الشرق الأوسط. وتعهد بالمساعدة في حل ملف النازحين السوريين، مشيراً إلى أنّ الأسباب التي دفعتهم إلى البقاء خارج بلادهم لم تعد قائمة في ظل الإدارة السورية الجديدة. ورأى أن المساعدات المقدمة لهم في لبنان يجب أن تُوجَّه نحو إعادة إعمار سوريا لتسهيل عودتهم سريعاً، مع التشديد على ضرورة تخفيف العبء الكبير عن الدولة اللبنانية لتمكينها من تنفيذ الإصلاحات المطلوبة وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وعقب اللقاء، عقد الوزيران مؤتمراً صحافياً مشتركاً، أكد خلاله رجي أنّ علاقة تاريخية تربط لبنان وهنغاريا تقوم على الاحترام المتبادل والصداقة، مشدداً على أهمية استمرار دعم قدرات الجيش اللبناني لتمكينه من القيام بمهامه كاملة بعد انتهاء ولاية اليونيفيل، وبما يضمن الأمن على كامل الأراضي اللبنانية. كما عبّر باسم لبنان عن الامتنان لمساهمة هنغاريا في قوات اليونيفيل، مديناً الاعتداء الإسرائيلي الأخير الذي طالها.
وأشاد رجي بالمبادرات الثقافية الهنغارية في لبنان، ولا سيما مشروع ترميم 64 كنيسة أثرية الذي يعكس القيم المشتركة والصداقة المتينة بين البلدين. كما رحّب بتوقيع مذكرة التفاهم بين الأكاديمية الدبلوماسية الهنغارية وأكاديمية الدبلوماسية في جامعة الروح القدس – الكسليك، بما يعزّز الروابط التعليمية بين الجانبين.
أما الوزير سيارتو، فأكد التزام بلاده دعم المجتمعات المسيحية في لبنان والمساعدة في تكريس السلام في المنطقة، مشدداً على أهمية استعادة شعوبها حقها في العيش الآمن بعيداً من الهجمات ودوائر الصراع.
وأعلن سيارتو أنّ هنغاريا، وبعد تمويل إعادة تأهيل 63 كنيسة مسيحية في لبنان، ستخصّص هذا العام 200 مليون فورنتس، أي ما يعادل نحو نصف مليون يورو، لتحديث التعليم في المدارس الكاثوليكية، ودعم العلاج وخدمة العائلات المسيحية في بيروت، وتمويل برامج إنسانية في منطقة البقاع. كما كشف أنّ بلاده ستساهم عبر الاتحاد الأوروبي في تمويل إعادة تسليح الجيش اللبناني بقيمة 1.5 مليون يورو، مؤكداً أنّ تعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية هو السبيل الوحيد لدعم استقرار الدولة، والمضي في خطة الحكومة لنزع سلاح حزب الله، والحفاظ على وقف إطلاق النار مع إسرائيل لأطول مدة ممكنة تجنباً لأي تصعيد أو اندلاع حروب جديدة.
وختم سيارتو بدعوة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى عدم تشجيع الوافدين من سوريا على البقاء في لبنان، بل دعم عودتهم إلى بلادهم، قائلاً: "نتفهّم أن المجتمع الدولي كان سعيداً جداً برحيل الرئيس الأسد عن سوريا، ونتفهّم أنه يرى البلاد تسير على طريق جيد، ولكن إن كان الأمر كذلك، فإن السبب الذي دفع السوريين إلى القدوم إلى لبنان لم يعد قائماً".