وعلى الضفّة المقابلة، يواصل الجيش عملياته جنوب الليطاني، بينما يكرّر "حزب الله"، تمسّكه باستراتيجية اللعب على حافة الهاوية مع إسرائيل، معوّلاً على تدخُّل خارجي يُثني بنيامين نتنياهو عن توسيع الحرب، مقابل "ضمانات" أعلن عنها لجهة خروجه من جنوب الليطاني والتزامه "أمن المستوطنات الإسرائيلية"، شرط بقاء سلاحه شمال النهر.
صحيح أن الحزب يدرك جيداً أن رفض إسرائيل لهذه المقايضة، يعني استمرار الوضع الحالي المفتوح على حرب حتمية، لكنه، وبحسب مصدر سياسي، يفضِّل اللعب على حافة الهاوية بدل خسارة ورقة سلاحه، لأنها ورقته الأخيرة، ومن دونها يفقد دوره وتأثيره وعلّة وجوده.
ويتابع المصدر، أن "حزب الله"، لا يتغاضى أيضاً عن محور أساسي يركِّز عليه، وهو الإنتخابات النيابية التي يستعدّ لها، عبر اعتماد آلياتٍ من خارج الدستور للحؤول دون اقتراع غير المقيمين للنواب الـ128، لقطع الطريق على وصول أكثرية نيابية ضدّ مشروعه، أو حتى إلى اختراقٍ لتكتله البرلماني.
ولتحقيق هذه الغاية، يضيف المصدر نفسه، تأتي التعبئة من قبل قيادة الحزب، في أوساط المغتربين في أفريقيا وألمانيا والولايات المتحدة وغيرها بعناوين تضليلية، يغلب عليها الطابع الطائفي ودقّ ناقوس الخطر من تراجع سيطرته على البرلمان المقبل عبر خرق المقاعد الـ27.
ويرى المصدر السياسي، أن الأهمّ في هذا الحراك المزدوج، يبقى القلق العام من الوصول إلى نقطة اللاعودة، بعدما هدّد الحزب مرّتين بالردّ على اعتداءات إسرائيل، رغم أن موازين القوى قد تغيّرت على الجبهة الجنوبية، بعدما أقامت إسرائيل "المسكونة بهاجس 7 أوكتوبر" منطقةً محروقة، لمنع أي عمليات تسلّل باتجاه مستوطناتها. وهنا، لا ينفي المصدر، سقوط معادلة توازن الرعب، بمعنى أن أي تهديد أو ضمانة، سيكون بمثابة شيك من دون رصيد.
لكن ما تقدم، لا يعني إهمال دلالات طرح الحزب المفاجىء، حيث يقول المصدر السياسي، إن الحزب بات أخيراً يطلق الرسائل الواضحة باتجاه الداخل والخارج معاً، ومفادها أنه لا يقف بوجه أي آليات ديبلوماسية تقود إلى مفاوضات مع إسرائيل برعاية أميركية، على غرار مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وبالتالي، الإمساك بالقرار الداخلي والإتجاه نحو التفاوض أو الإستمرار في واقع المراوحة وشراء الوقت، حتى بلورة الإتجاهات الإقليمية.
وفي الفترة الفاصلة عن اتضاح الصورة، يكشف المصدر السياسي، عن دينامية في الأروقة السياسية والديبلوماسية، تندرج في إطار النقاش في السيناريوهات المتوقّعة بعد مواقف الحزب الأخيرة، وتصعيد إسرائيل المتدرّج، مع العلم أن الموفدين الديبلوماسيين، يحملون كلهم إلى بيروت رسالةً واحدة وهي التحذير من الإنزلاق إلى هاوية الحرب، في لحظة "تشدّد أميركي" تجاه إيران و"حزب الله".