أعلنت وزارة العدل الأميركية، يوم الجمعة، أنّها ستباشر تنفيذ طلب الرئيس دونالد ترامب فتح تحقيق في العلاقات المزعومة بين جيفري إبستين والرئيس الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون وبنك "جيه بي مورغان".
ويأتي هذا التطوّر بعد إصدار لجنة في الكونغرس آلاف الوثائق التي أثارت تساؤلات جديدة حول علاقة ترامب بإبستين، في خطوة تُعدّ أحدث مطالبة من الرئيس الأميركي لأجهزة إنفاذ القانون الاتحادية بملاحقة خصومه السياسيين.
وقالت المدعية العامة بام بوندي إنّ جاي كلايتون، كبير المدعين الاتحاديين في مانهاتن، سيتولّى قيادة التحقيق. ويعتقد عدد من ناخبي ترامب أنّ الحكومة حجبت سابقاً معلومات حول علاقات إبستين بشخصيات نافذة، ولم تكشف تفاصيل تتعلق بوفاته داخل سجن مانهاتن عام 2019.
ويشير مراقبون إلى أنّ ترامب سبق أن استخدم وزارة العدل لاستهداف خصوم سياسيين آخرين، بينهم المدير السابق لمكتب التحقيقات الاتحادي جيمس كومي والمدعية العامة لولاية نيويورك ليتيتيا جيمس، حيث وُجّهت إليهما تهم بعد استبدال ترامب للمدعي العام الذي كان يتولى تلك الملفات.
ويرى خبراء قانونيون أنّ مطالب ترامب قد تؤثّر على القضايا الجنائية الناتجة من تلك التحقيقات، إذ يمكن للمحاكم رفض أي قضية يثبت أنها جاءت بدافع "الملاحقة الانتقامية"، وهو ما طرحه كلّ من كومي وجيمس، من دون صدور قرار قضائي نهائي بعد بهذا الشأن. واعتبر المدعي الاتحادي السابق باتريك جيه كوتر أنّ "توجيه ترامب لأوامر بالتحقيق مع مواطنين أمر غير لائق تماماً".
وإلى جانب كلينتون، الذي ارتبط اسمه بإبستين مطلع العقد الأول من الألفية، قال ترامب إنه طلب التحقيق أيضاً في علاقات إبستين بوزير الخزانة الأسبق لاري سمرز، وبمؤسس موقع "لينكد إن" ريد هوفمان، وهو من أبرز المتبرعين الديمقراطيين. ووردت أسماء هؤلاء الرجال الثلاثة في ٢٠ ألف وثيقة متعلقة بإبستين أصدرتها لجنة الرقابة في مجلس النواب يوم الأربعاء.
وكتب ترامب عبر مواقع التواصل الاجتماعي: "كان إبستين ديمقراطياً، وهذا يجعله مشكلة للديمقراطيين وليس للجمهوريين. جميعهم يعرفون ما كان يفعل، لا تضيعوا وقتكم معي. لدي بلد أديره!".
وفي المقابل، قال بنك "جيه بي مورغان" في بيان: "نأسف لأي علاقة ربطتنا بهذا الرجل، لكننا لم نساعده على ارتكاب أفعاله. وأنهينا علاقتنا به قبل سنوات من اعتقاله بتهمة الاتجار الجنسي".
وتعود علاقة ترامب بإبستين إلى تسعينيات القرن الماضي وبدايات العقد الأول من الألفية، قبل أن يعلن ترامب لاحقاً قطع صلته به، بعد إقرار إبستين بالذنب عام 2008 في قضية تحريض قاصر على الدعارة. وينفي ترامب على الدوام علمه بانتهاكات إبستين المرتبطة بالفتيات القاصرات.
وفي ظل ظهور معلومات جديدة، امتنع ترامب خلال الأيام الماضية عن الإجابة على أسئلة الصحافيين حول هذا الملف، فيما يتوقع أن يصوّت مجلس النواب، الخاضع لسيطرة الجمهوريين، الأسبوع المقبل على تشريع يُجبر وزارة العدل على نشر جميع المواد التي تملكها بشأن إبستين، الذي كان يواجه اتهامات اتحادية بالاتجار الجنسي بالقاصرات عند وفاته. ومن المتوقع إقرار التشريع رغم محاولات رئيس المجلس مايك جونسون تأخير التصويت، فيما يتطلب التنفيذ موافقة مجلس الشيوخ والرئيس ترامب.
وأظهر استطلاع "رويترز – إبسوس" في تشرين الأول أنّ أربعة من كل عشرة جمهوريين فقط يوافقون على طريقة إدارة ترامب لملفات إبستين، مقارنة بتأييد نحو تسعة من أصل عشرة لأدائه العام في البيت الأبيض.
وكان بنك "جيه بي مورغان" قد دفع في عام 2023 مبلغ 290 مليون دولار لعدد من ضحايا إبستين لتسوية اتهامات بالتغاضي عن نشاطه في الاتجار الجنسي. ولم يعترف البنك بارتكاب أي مخالفة، كما لم تظهر أي أدلة موثوقة على ضلوع كلينتون أو سمرز أو هوفمان في أي اتجار جنسي، وقد نفى جميعهم ذلك وعبروا عن ندمهم على علاقاتهم السابقة بإبستين.
وسافر كلينتون مرات عدة على متن طائرة إبستين الخاصة قبل إدانته عام 2008، في حين تلقى سمرز تبرعات خيرية من إبستين خلال رئاسته جامعة هارفارد، بينما أقر هوفمان بلقاء إبستين في مناسبات رسمية. كما ارتبط إبستين اجتماعياً قبل إدانته بقائمة طويلة من الشخصيات البارزة، من بينها الأمير البريطاني السابق آندرو الذي جُرِّد من لقبه الملكي على خلفية علاقته بالراحل.