تعيش سوريا في عهد أحمد الشرع حالة يصفها الباحث تال باري من مركز "ألما" بأنها "استقرار قائم على اللااستقرار": مظهر خارجي يوحي بالثبات، بينما تتراكم داخلياً توترات عميقة تشمل هشاشة الحكم، وانهيار الاقتصاد، وتوترات مع الأقليات، وجيشاً مكوناً من عشرات الميليشيات المتباينة الولاءات، بعضها يحمل جذوراً جهادية.
وبحسب تحليل باري لصحيفة "معاريف"، فإنّ مستوى التهديد على حياة الشرع وعلى استمرارية حكمه مرتفع جداً. ولا يأتي الخطر فقط من تنظيم داعش الذي صعّد عملياته خلال العام الأخير، بل أيضاً من جماعات متطرفة داخل المنظومة الأمنية نفسها، تعتبر أي تواصل أو تفاوض أمني مع إسرائيل "خطاً أحمر". ويشير باري إلى أنّ مجرد وجود قنوات اتصال مع إسرائيل، حتى لو كانت أمنية محدودة وليست سياسية، قد يكون سبباً كافياً لمحاولات انقلاب أو اغتيال.
ويرى التحليل أن أي انهيار مفاجئ لحكم الشرع، سواء عبر اغتيال أو مواجهات عنيفة، سيقود إلى السيناريو الأكثر ترجيحاً: تفكك شامل وانزلاق سريع إلى الفوضى. فسوريا تضم اليوم نحو 130 ميليشيا ضمن ما يسمى "الجيش السوري الجديد"، ما يجعل احتمالات اندلاع اقتتال داخلي واسعة جداً، مع خطر تحلل مناطق عديدة وعودة داعش بقوة. وتُعدّ مناطق الأقليات جنوب البلاد، ولا سيما الدروز، أكثر عرضة لعمليات انتقام ومجازر محتملة في حال الانهيار.
أما بالنسبة لإسرائيل، فيحذّر باري من أنّ التحدي سيكون أمنياً وإنسانياً على حدّ سواء. فجنوب سوريا يضم بنية تحتية جاهزة يمكن أن تعود إلى نشاطها كمنصّات لعمليات الجماعات الشيعية والفلسطينية والجهادية، فيما يواجه الدروز في السويداء وجبل العرب ومحيط دمشق خطراً وجودياً، وسط تهديدات من جماعات سنّية متطرفة "لإنهاء ما بدأته" في أحداث تموز 2025.
ويتناول التحليل أيضاً الدور المحتمل لتركيا، حيث يرى باري أنّ أنقرة قد تفكر بالتدخل مجدداً لدعم الشرع إذا رأت أن النظام ما زال قابلاً للإنقاذ. لكنه يستبعد تقدّم القوات التركية نحو جنوب سوريا، الذي تعتبره إسرائيل منطقة نفوذ أمني حساسة. إلا أن أي تحرّك تركي قد يدفع مجموعات متطرفة للنزوح جنوباً وشرقاً، ما يقربها أكثر من الحدود الإسرائيلية.
وفي حال وقوع سيناريو الفوضى، يشير باري إلى أنّ إسرائيل ستحتاج إلى إجراءات عاجلة واسعة، قد تشمل:
– إعادة السيطرة على مناطق عازلة سبق أن انسحبت منها ضمن ترتيبات أمنيّة.
– فرض "منطقة قتل" جوية لحماية التجمعات الدرزية في السويداء.
– فتح ممرات إنسانية آمنة لنقل المدنيين المهددين نحو مناطق أقل خطراً قرب الحدود.
– إنشاء مخيمات طوارئ لاستيعاب الفارين.
– مواصلة سياسة الضربات الوقائية ضد البنى التحتية للمجموعات المسلحة في الجنوب، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وقيادة "سنتكوم".
ويخلص تحليل "ألما"، كما تنقله "معاريف"، إلى أنّ مقعد الشرع يهتزّ بقوة، وأنّ أي فشل في احتواء التوترات قد يطلق فوضى تمتدّ تأثيراتها مباشرة إلى إسرائيل، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تحوّل الجنوب السوري إلى قاعدة تهديد أمني مفتوح في حال انهيار الدولة المركزية.