عقد العلّامة السيّد علي فضل الله لقاءً حواريًا في المركز الإسلامي الثقافي في حارة حريك، بعنوان "الشكر في المفهوم الإسلامي"، تناول خلاله أسئلة واستفسارات حول المستجدات في لبنان والمنطقة.
واستهلّ فضل الله اللقاء بالتأكيد أن الشكر يُعدّ من أرقى القيم الإنسانية التي حثّ عليها الإسلام، معتبرًا أنه "حق من الحقوق التي دعت إليها الشريعة، ووسيلة للتعبير عن الامتنان لكل من قدّم خيرًا أو معروفًا"، ما يعزّز الروابط والمحبة بين أفراد المجتمع. وأضاف أن الإسلام حرص على بناء شخصية المسلم على أساس القيم والأخلاق، بما يجعله يعيش الاستقامة، ويشارك بفاعلية في نهضة مجتمعه.
وأشار إلى أن قيمة الشكر تكتسب أهمية أكبر في الواقع المعاصر، حيث يلاحظ تراجع الاعتراف بالفضل، موضحًا أن غياب ممارسة الشكر في التعامل مع الناس ينعكس على علاقة الإنسان بربّه، وأن هذه القيمة تُكتسب بالتربية السليمة وتبلغ ذروتها في الشكر لله.
وفي ردّه على سؤال حول إمكان الحديث عن المواطنة في الظروف الحالية، شدّد فضل الله على أن المواطنة "ضرورة ملحّة" في ظل الانقسامات التي تهدّد نسيج المجتمع، معتبرًا أن طروحات مثل الفدرلة "غير واقعية". ورأى أن المواطنة هي الوسيلة الأمثل لحفظ الرسالة الإنسانية للأديان والمذاهب والأحزاب، وهي "صمّام أمان في وجه مشاريع التقسيم". وأكد أن أي غبن أو تهميش يصيب أي طائفة "هو مشروع فتنة أو حرب".
وأضاف أن البلاد ما زالت تفكّر بمنطق حقوق الطوائف بدل حقوق المواطن، داعيًا إلى بناء "دولة الإنسان" وتخفيف العصبيات الطائفية والمذهبية، وإعادة روح الدين إليها، دين القيم والرحمة والحوار.
ولفت فضل الله إلى أن المواطنة يجب أن تتحول إلى خيار واعٍ لدى المواطن، بحيث يقيس خياراته السياسية بمدى إخلاص المرشحين للوطن، لا بمدى انتمائهم الطائفي. ورأى أن ترسيخ هذه التربية هو شرط لبناء "دولة المواطنة، دولة الإنسان".
وفي سياق الحديث عن الحوار، دعا فضل الله إلى تعزيز لغة التواصل في أيام الانقسام، من خلال الإضاءة على المشتركات بدلاً من التركيز على الخلافات، معتبرًا أن "الحوار الصادق، البعيد عن الشكليات، هو الذي يصل إلى القلب قبل العقل". واعتبر أن المعارك الكلامية تفتح الباب أمام المتربصين لتغذية الانقسام.
وتطرق إلى الانفتاح العربي على لبنان، مؤكدًا أن لبنان جزء من العالم العربي والإسلامي، ومشيرًا إلى ضرورة دعم الدول العربية للبنان ليواجه تحدياته الداخلية والخارجية.
وفي ختام اللقاء، هنّأ فضل الله الشعب العراقي على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، داعيًا إلى توحيد الجهود، وتجاوز المحاصصة، ومكافحة الفساد والهدْر، ليتمكن العراق من استعادة دوره الريادي في المنطقة.