ويكشف مدير المعهد المالي لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني ل"ليبانون ديبايت"، أن وفد الخزانة الأميركية قد عرض للمسؤولين اللبنانيين، مستندات ووثائق وحتى إيصالات بعمليات التحويل التي قامت بها شركات تحويل الأموال في لبنان، وقيمة الأموال المحوّلة، وحددت هوية الأشخاص والجهات التي حوّلت والتي قبضت الأموال، وأكد أعضاء الوفد أن التحويلات "غير شرعية".
وبالتالي، يوضح مارديني، أن هذا الأمر قد دفع نحو توسيع مصرف لبنان المركزي لإجراءات الشفافية المالية كي تشمل شركات تحويل الأموال، وهو أمر بديهي في القطاع المصرفي الذي يعمد إلى فرض ملء استمارة "إعرف عميلك" في كل عملية تحويل تفوق قيمتها سقفاً معيناً، وهي استمارة تؤمن المعلومات الخاصة بالعميل الذي يقوم بالتحويل، والجهة التي تتلقى الأموال، علماً أنه في القطاع المصرفي، فإن المصرف يكون على علمٍ بالجهة التي تقوم بعمليات التحويل، والجهة التي تستلم الأموال.
ويشير مارديني، إلى أن مصرف لبنان قد استبق هذا القرار بقرار آخر يتعلق بالمَحافظ المالية لتعزيز الشفافية، موضحاً أن كل هذه القرارات التي صدرت وتصدر من قبل المركزي، لا تهدف إلاّ إلى تعزيز مناخ الشفافية عن طريق المؤسسات التي تعمل خارج القطاع المصرفي، خصوصاً وأن المصارف التجارية تضبط العمليات المالية، وملتزمة بالأساس بكل معايير الشفافية، وليس بعد إدراج لبنان على اللائحة الرمادية.
وفي الفترة الراهنة، يقول مارديني إن المشكلة تبقى في التعاملات المالية خارج القطاع المصرفي، لأنه قبل العام 2019، كان المصرف المركزي قادراً على ضبط 90% من التعاملات المالية، بينما اليوم بات أكثر من 90% من التعاملات يحصل خارج القطاع المصرفي ونقداً، ما يجعل من الصعب ضبطه، ما اضطُرّ المصرف المركزي إلى السعي لضبط عمل شركات تحويل الأموال والمحافظ، فيما نظمت وزارة العدل، كل العمليات التي تجري لدى كتاب العدل من أجل الحؤول دون إجراء عمليات تبييض أموال تحت ستار شراء عقارات، وكذلك، انسحب هذا الأمر على قطاع المجوهرات الثمينة التي من الممكن أن تُستخدم في عمليات تبييض الأموال، بمعنى أن كل ما لديه قيمة مرتفعة يشكل مادة لتبييض الأموال، وبالتالي، فإن توسيع الإجراءات الرسمية أتى من أجل مكافحة هذه العمليات.
لكن مارديني لا يعتبر أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى إخراج لبنان من اللائحة الرمادية، مؤكداً أن الوصول إلى هذا الهدف يتطلب مساراً طويلاً من الإجراءات والتدابير التي تتعلق بالتهرب الضريبي والجمركي الذي ما زال يحصل بنسب مرتفعة، كما بالإمتثال الضريبي وبمحاربة تجارة المخدرات التي تحصل داخل وخارج الأراضي اللبنانية، بمعنى أن هناك سلسلة خطوات مطلوبة على المستوى القضائي المتعلّق بملاحقة تبييض الأموال، وهذه الخطوات ليست كلها من ضمن مهام المصرف المركزي، لأن مكافحة التهرّب الجمركي والضريبي هو من اختصاص وزارة المال.