في هذا الإطار، أكد الكاتب والمحلّل السياسي علي حمادة أنّ لبنان دخل فعليًا مرحلة جديدة، بعدما أبلغ الإسرائيليون، ومعهم الأميركيون، الدولة اللبنانية بأنّ "فترة الاختبار" المرتبطة بملف نزع سلاح حزب الله قد انتهت. ومنذ ذلك الإبلاغ، عادت الماكينة العسكرية الإسرائيلية، وبدعم أميركي واضح، إلى تنفيذ ضربات مباشرة ضدّ أهداف يعتبرونها حسّاسة وذات قيمة لدى حزب الله، وخصوصًا الأهداف العسكرية الدقيقة، على أن تتوسّع لاحقًا لتشمل أهدافًا إضافية.
وبحسب حمادة، فإنّ ما يجري حاليًا يشكّل انتقالًا إلى موجة جديدة من الضربات: أعمق وأقوى وأكثر عنفًا مما شهدته الساحة خلال العام الماضي. وهذا التطور يُعدّ، ولو بصورة غير معلنة، اعترافًا بفشل الدولة اللبنانية في التعامل مع ملف نزع السلاح، كما يمثّل سقوطًا فعليًا لكل المبادرات السابقة، بما فيها تلك التي طرحها رئيس الجمهورية في إطار التفاوض مع إسرائيل أو توسيع الوفد اللبناني. فالمطلوب أميركيًا وإسرائيليًا بات مختلفًا جذريًا، ولم يعد قابلًا للمساومة أو النقاش السياسي التقليدي.
ويشدّد حمادة على أنّ خطاب الاستقلال الذي ألقاه الرئيس جوزيف عون، والذي عبّر فيه عن استعداد لبنان للتفاوض تحت رعاية أميركية أو أوروبية أو أممية، وترك الباب مفتوحًا حول طبيعة الوفد، خرج اليوم من دائرة التأثير. فالمعادلة الدولية الراهنة تحسم بأنّ ملف نزع سلاح حزب الله هو البند الأول، ليس في النصوص فقط، بل في التنفيذ. فنزع السلاح جنوب الليطاني لم يُستكمل بالكامل، أما شمال الليطاني فالحزب لا يعترف من الأصل بأي صيغة لنزع سلاحه هناك. وهذا، بنظر الأميركيين والإسرائيليين، كافٍ للقول إنّ الدولة لا تقوم بواجباتها.
ويضيف حمادة أنّ لبنان مقبل على مرحلة تصعيد، ولكن بعد انتهاء زيارة البابا إلى المنطقة. فالزيارة لن تُمسّ عسكريًا، لكنها لم تعد عنصرًا مؤثرًا في الحسابات الجيوسياسية. جدول الأعمال الفعلي اليوم بات يتمحور حول: نزع سلاح حزب الله، تفكيك بنيته العسكرية والأمنية، وإعادة رسم ميزان القوى جنوبًا وشمالًا.
وفي هذا الإطار، يتوقّع حمادة أن يواصل الإسرائيليون تنفيذ الضربات، مع احتمال رفع مستوى الاستهداف وتعميق مداها، وربما الانتقال إلى ضرب مناطق جديدة… وصولًا إلى قلب بيروت أو بعض مناطق الشمال التي يعتقد الإسرائيليون بوجود بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله أو لمجموعات تعمل إلى جانبه.