وفي ظلّ استمرار الغارات الإسرائيلية اليومية واتّساع دائرة الاستهداف، وعودة الحديث الدولي عن نوايا إسرائيلية عدوانية كبرى، تكثّفت الاتصالات العربية والدولية، وكان آخرها زيارة وفد مصري رفيع إلى بيروت برئاسة وزير الخارجية بدر عبد العاطي، في إطار مسعى دبلوماسي لوقف التصعيد وفتح نافذة تفاوضية.
وبحسب مصادر سياسية متابعة، جاءت الزيارة في سياق مساعي القاهرة لإعادة تثبيت خطوط تماس سياسية وأمنية تمنع الانفجار الشامل، في ظلّ شعور إقليمي متزايد بأن المنطقة تقف على حافة تحوّل كبير لا تُعرف نتائجه.
مساء الثلاثاء، وصل الوفد المصري وحضر عشاءً جمع شخصيات سياسية ونيابية لبنانية. وفي هذا اللقاء، كان الكلام المصري قاسياً على مسامع الحاضرين. وتكشف المصادر التي شاركت في العشاء أنّ الطرح المصري حول التطورات جنوب لبنان حمل نبرة تحذيرية غير مسبوقة. فوفق هذه المصادر، أوضح أعضاء الوفد أنّ إسرائيل تتّجه نحو تصعيد عسكري حتمي قد يتطوّر خلال الأسابيع المقبلة، قبل نهاية العام، مع وجود نية واضحة لتوسيع رقعة السيطرة الميدانية داخل لبنان وصولاً إلى جنوب الليطاني.
وتضيف المصادر عبر “ليبانون ديبايت” أنّ الوفد وصف هذا التصعيد بأنّه “حتمي” بناءً على معلومات متداولة في القنوات الدبلوماسية، ما تولّد عنه شعور عام بالإحباط بين الحاضرين الذين رأى بعضهم أنّ الحديث بدا أشبه بنقل معطيات دولية قيد التنفيذ، وليس مجرّد تحليل أو قراءة سياسية ظرفية.
وشدّد الوفد المصري، وفق الرواية المنقولة، على أنّ الجهد المصري يتركّز حالياً على خفض مستوى التصعيد وتجنّب الانزلاق إلى ما هو أكبر.
وفي لبنان، يبرز رأي يعتبر أنّ التصعيد بات قريباً وحتمياً، فيما تخضع الحرب لاعتبارات وترتيبات مختلفة تتعلّق بالأهداف وما تريده الولايات المتحدة. في المقابل، ثمّة رأي آخر—على الرغم من اقتناعه بأنّ التصعيد واقع وقد بدأ منذ فترة—يرى في الكلام المصري تهويلاً مقصوداً ضمن حملة ضغط لا يبتعد عنها التصعيد الإسرائيلي الأخير في الضاحية، ولا الإجراءات الأميركية على المستويين المالي والسياسي، ولا الضغط على قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية. ويهدف هذا الضغط، وفق هذا الرأي، إلى دفع لبنان عموماً، والمقاومة خصوصاً، نحو تقديم تنازلات سياسية كبرى بلا كلفة عسكرية، وخصوصاً في إطار المبادرة المصرية المطروحة التي تحقق هذه الأهداف ولكن بأسلوب مختلف عن المحاولات السابقة.
وبين قراءة تعتبر الكلام المصري إنذاراً مبكّراً لواقع ميداني على وشك التحقّق، وأخرى تراه جزءاً من أدوات الضغط التفاوضي، تبقى الصورة في لبنان ضبابية بانتظار ما هو قادم.