قال وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط في حديث إلى "الأنباء" إن اللجنة المكلفة بإعداد قانون الفجوة المالية "شارفت على إنجاز مهمتها، وهي في نقاش تقني يومي مع صندوق النقد الدولي، وتعمل حالياً على وضع الصياغة النهائية تمهيداً لرفعها إلى الحكومة ومن ثم إحالتها إلى مجلس النواب".
وشدّد البساط على أن "قانون الفجوة المالية، الذي يُعد أساس الإصلاح المالي والاقتصادي وينظم توزيع الخسائر بين الدولة والمصرف المركزي والمصارف، اعتمد مبدأ عدم إفقار أي طرف من الأطراف، بل توزيع الخسائر بشكل عادل يحفظ بقاء القطاع المصرفي باعتباره شريكاً في النمو الاقتصادي، وفي الوقت نفسه عدم تحميل الدولة فوق قدرتها لتفادي التعثر من جديد، وعدم تحميل المصرف المركزي ما يفوق إمكاناته لضمان دوره في حماية الاستقرار النقدي". وأكد أن "القانون قائم على شراكة عادلة في توزيع الخسائر لضمان استقرار الاقتصاد وعودة العافية إلى القطاع المصرفي".
وجدد البساط التأكيد أن "أموال المودعين مصونة ولن تُمس، وهناك قرار حكومي واضح بالحفاظ عليها وردّها تدريجياً من دون أي شطب أو تحميلهم خسائر، مع التمييز بين المودعين الصغار والكبار".
وأوضح أن "التعافي الاقتصادي هو مسار طويل، إلا أننا نشهد اليوم تحولاً في هذا المسار وفي منهجيته. صحيح أننا لم نتقدم كثيراً بعد، لكن يمكن القول إننا دخلنا الطريق الصحيح نتيجة تغييرات سياسية أساسية مع انطلاق عهد جديد وحكومة جديدة ترفع شعار الإنقاذ والإصلاح، وقد بدأت فعلياً بتنفيذ ورشة إصلاحية واسعة تهدف إلى بناء نهج اقتصادي جديد يقوم على الإنتاج والاستثمار بدلاً من الاقتصاد الريعي القائم على الاستهلاك".
وأضاف البساط أنه "من المبكر الحديث عن تجاوز الأزمة، فالإصلاحات المطلوبة كبيرة وصعبة، ولا يمكن تحقيق نمو اقتصادي من دون إصلاح القطاع المصرفي وقطاع الكهرباء والاتصالات والبنى التحتية. وقد بدأنا خطوات عملية في هذا الاتجاه، تشمل إعادة هيكلة الدين العام للعودة إلى الأسواق المالية، ووضع نظام ضريبي جديد داعم للقطاع الخاص وقائم على العدالة الاجتماعية، إضافة إلى إعادة النظر في نفقات الدولة، بما فيها رواتب الموظفين، وإعادة بناء المؤسسات الاقتصادية. وهذه كلها إصلاحات شمولية".
وكشف عن أن "هناك مؤشرات تدل على بدء التعافي وعودة الحركة الاقتصادية. وتوقعاتنا للعام 2025 تشير إلى نمو يبلغ 5% مقارنة بالعام الماضي المتأثر بالحرب الإسرائيلية. لا نقول إننا في مرحلة ازدهار، لكن هذه النسبة هي الأعلى منذ العام 2011".
وعن مؤتمر "بيروت 1"، أكد البساط أن "انعقاده بحد ذاته يشكل إنجازاً بالنظر إلى المشاركة الواسعة من المستثمرين العرب والأجانب، خصوصاً من المملكة العربية السعودية والكويت. فقد شكّل المؤتمر نقطة بدء لكسر الصمت الاقتصادي وإنهاء عزلة امتدت ثماني سنوات. وقد حرصنا على أن يكون مؤتمراً لبنانياً لا يحمل أسماء خارجية لأننا لا نريد التسوّل، بل نريد سردية استثمارية تعيد لبنان إلى موقعه الطبيعي في محيطه العربي". وكشف أن "عدداً من المستثمرين السعوديين والقطريين تواصلوا معه لبحث مشاريع استثمارية، كما جرت لقاءات مع مغتربين لبنانيين وشركات أجنبية حول مشاريع في القطاع الخاص ومشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص، خصوصاً في قطاع الطاقة".
وفي ما يتعلق بغياب بند النفقات الاستثمارية في مشروع موازنة 2026، أوضح البساط أن "المشروع ورد من دون هذا البند، ووزير المالية ياسين جابر محق في ذلك، لأن الاستثمار يحتاج إلى تمويل يجب تأمينه قبل إدراجه في الموازنة. لذلك تعمل الحكومة على خيارات تمويلية مع البنك الدولي والصناديق العربية والدول المانحة".
وختم بالإشارة إلى أن "جهوداً كبيرة تُبذل لتحسين مناخ الاستثمار من خلال سلسلة إصلاحات تشمل إقرار قانون إصلاح القطاع المصرفي، والعمل على تطوير قطاع الكهرباء والبنى التحتية، إضافة إلى مشاريع في قطاع المياه. كما يشهد مرفأ بيروت تقدماً لافتاً من خلال تعيين مجلس إدارة جديد وتركيب أجهزة سكانر ستبدأ العمل قريباً، وهي خطوة نوعية بعد سنوات من الانفجار. كذلك تم تعيين مجلس إدارة جديد لمرفأ طرابلس، ويجري بحث توسعة مطار بيروت، إلى جانب إطلاق عمل الهيئات الناظمة وتفعيل أجهزة الرقابة. كل هذه الخطوات تشكل قاعدة أساسية لجذب الاستثمارات".