المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الأربعاء 03 كانون الأول 2025 - 07:18 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

"قصة" هدنة الأيام الثلاثة... البابا لاوون والشيخ قاسم!

"قصة" هدنة الأيام الثلاثة... البابا لاوون والشيخ قاسم!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح


لم تنتظر إسرائيل إقلاع طائرة البابا لاوون الرابع عشر من مطار بيروت الدولي. عالجت اللحظة قبل دقائق عبر "إسقاط" مسيّراتها فوق العاصمة بيروت، وصولاً إلى الضاحية الجنوبية على علوّ منخفض.

بهذا تقول إسرائيل إن الهُدنة التي فرضتها "الزيارة البابوية" قد انتهت. والسرعة في إعلان النهاية تعكس رغبة إسرائيلية واضحة في إظهار الإصرار على الأهداف المتوخاة من استئناف التصعيد، وما سبقه من تمهيد، وتجاهلٍ تام لكل ما ورد في زيارة البابا من دعوات إلى "الحوار والوساطة والسلام".


إتصالات ما قبل الزيارة

قبيل زيارة البابا لاوون إلى بيروت، نشطت الاتصالات على مختلف الخطوط للتوصل إلى "هُدنة" هدفها تمرير الزيارة، تولاها أكثر من طرف خارجي، كان من بينهم الفاتيكان والولايات المتحدة الأميركية. بالتزامن، سرت إتصالات أخرى في بيروت، مع حزب الله، الذي جدّد تأكيده بأنه حريص على إنجاح الزيارة. وفي تلك اللحظة، كان لبنان – وما زال – يعيش تحت وابل من التهديدات الإسرائيلية بشنّ الحرب.


الجميع أدرك أن الهدنة مطلوبة أساساً من إسرائيل، ببساطة لأنها لا تتقيد بمندرجات اتفاق 27 تشرين الثاني 2024 وتخرقه باستمرار.


تحت رعاية الولايات المتحدة الأميركية، طُلب إلى إسرائيل وقف طلعاتها الجوية فوق الأراضي اللبنانية كافة، بما يشمل وقف الاستهدافات والاغتيالات بأنواعها، من تاريخ وصول البابا في 30 تشرين الثاني وحتى مغادرته في 2 كانون الأول. لكن، وبمتابعة أحداث تلك الأيام، لوحظ أن إسرائيل حافظت على حدٍّ أدنى من النشاط الحربي ضمن وضع عسكري منخفض الوتيرة في ما بات يُعرف بقرى الحافة الأمامية، عبر إطلاقات محدودة وغير واسعة.


"فترة سماح"

ما لم يلتفت إليه كثيرون هو أن التفاهمات التي وفّرتها واشنطن جاءت، على ما يبدو، ضمن محاولات أوسع ارتبط جزء منها بخلق وضع أفضل أمام الحكومة اللبنانية ومنحها "فترة سماح" و "مساحة" لتسويق ما يمكن تسميته بـ"الضمانات الدولية"، القادرة على تشكيل مظلّة حماية للبنان بالاستناد إلى التجربة البابوية.


أيضاً، جاءت "الهدنة" في سياق الدفع نحو خلق ظروف تفاوض مع إسرائيل، مدعومة هذه المرّة بغطاء من رأس الكنيسة الكاثوليكية. ويمكن فهم أن دعوته المتكررة في كل زيارة أجراها إلى موقع في لبنان والإصرار على دعوات الحوار والسلام، و "بيانه الختامي" في المطار مشدداً على ضرورة وقف الهجمات والأعمال العدائية والقتال المسلح"، تشكّل غطاءً للسلطة السياسية، وتحديداً لرئاسة الجمهورية، لدفع خطواتها التفاوضيّة إلى الأمام، وهي التي تولّت بشكل شبه منفرد تقريباً تنظيم زيارة البابا وجولاته. وقد وضع الرئيس نفسه في تماس مباشر مع الكرسي الرسولي حتى لحظة مغادرة البابا الأراضي اللبنانية.


من جهة أخرى، ثمّة من يرى أن مسار فرض الهدنة تزامن مع العرض الشهري الثالث لقيادة الجيش حول مشروع حصرية السلاح والمفترض تقديمه خلال جلسة لمجلس الوزراء تعقد نهار الخميس المقبل في قصر بعبدا.


ولا يمكن تجاوز الجولة التي نظّمتها قيادة الجيش لأكثر من 80 وسيلة إعلام محلية وأجنبية في وادي زبقين الشهير، لتقديم معاينة مباشرة لواقع عمل الجيش. وهي خطوة مدروسة، قد تكون أكثر فاعلية من تقرير خطّي يُرفع إلى مجلس الوزراء، لما تحمله من هدف يرتقي إلى مستوى نزع الذرائع من إسرائيل التي تزعم أن الجيش لا يقوم بمهامه.


الهدنة و "دور" الشيخ نعيم!

ثمة نقطة أخرى لا يمكن القفز فوقها في سياق هدنة الأيام الثلاثة، تتصل بما فرضه خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بعد أيام على اغتيال المسؤول العسكري الأول في الحزب، السيد هيثم الطبطبائي.


فبعد كلام قاسم الذي تضمّن تهديداً بالرد على الاغتيال في الضاحية – للمرة الأولى منذ توقيع اتفاق 27/11 – دخلت على الخط محاولات واضحة للتهدئة قبل الوصول إلى الانفجار الكبير.


في الوقت نفسه، تعاملت إسرائيل بحذر غير مسبوق. فمنذ الخطاب، لم تُسجّل أي عملية اغتيال لمقاوم، علماً أن حالة الجمود ظهرت قبل يومين من زيارة البابا. ورُبط ذلك بترقّب إسرائيل لما قد يفعله حزب الله للبناء عليه. وسريعاً، عمل إعلامها على تقليل احتمالات قيام الحزب بأي رد، في مناورة واضحة للتضليل.


حتى مع "الهدنة البابوية"، كان الكلام في بيروت أن إسرائيل تلتزم فقط بوقف الطلعات الجوية، بما في ذلك تحليق المسيّرات فوق جبل لبنان وبيروت وضاحيتها أو تنفيذ غارات، لكنها لا تلتزم بوقف الاستهدافات التي تطال من تزعم أنهم عناصر في حزب الله يعملون ضمن "ورشة التعافي". وهذا ما دفع البعض للاعتقاد بأن تهديد قاسم ترك وقعاً خاصاً، دفع إسرائيل إلى الإنتظار لأيام، بعدما وصلتها معلومات بأن الأمور بعد إغتيال الطبطبائي تجاوزت الخطوط الحمر وإنتهى إلى وضع الحزب في زاوية خرجة قد يصبح معها كل شيء متاحاً مع أجل فرض "نوع من التوازن"، ما قد ينقل المسارات كلها إلى مواجهة مفتوحة. فجاءت زيارة البابا أفضل مخرج.


ترقب!

الآن، وبعد انتهاء زيارة البابا لاوون، يمكن البدء من جديد في مراقبة كيفية التعاطي الإسرائيلي مع تهديدات الحزب أو دعوات رأس الكنيسة الكاثوليكية، وتصرفات الولايات المتحدة وأي إتجاه سوف تأخذه الحكومة اللبنانية.


ويأتي الاختبار الأول مع زيارة العضو في بعثة الولايات المتحدة الدائمة في مجلس الأمن، مورغان أورتاغوس وجولة أعضاء البعثات المعتمدة في مجلس الأمن، بين يومي الخميس والجمعة، علماً أن الإشارة الأولى صدرت عقب لقاء بنيامين نتنياهو ومورغان أورتاغوس بأن إسرائيل ماضية نحو التصعيد، لكن من غير المعلوم ما إذا كان سيشبه ما سبق زيارة البابا أو سيتم تعزيزه!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة