المحلية

محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت
الأربعاء 03 كانون الأول 2025 - 13:06 ليبانون ديبايت
محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت

توسيع الميكانيزم… بداية الحل أم بداية الكمين؟

توسيع الميكانيزم… بداية الحل أم بداية الكمين؟

"ليبانون ديبايت" - محمد علوش


طوال الأسابيع الماضية، بدا أنّ لبنان يتحرك فوق أرض سياسية رخوة، تدفعه القوى الدولية نحو طاولة تفاوض لا تُشبه شروط الميدان ولا نتائج المواجهة، فكان المشهد أقرب إلى محاولة لإعادة هندسة القرار اللبناني تحت ضغط أميركي غير مُعلَن وتهويل إسرائيلي صاخب بشكل يومي، فيما يُراد للدولة أن تتصرف وكأنها صاحبة المبادرة في الحل.

في خلفية الصورة، سباق بين من يريد انتزاع مكسب سياسي قبل أي تفاوض، ومن يسعى إلى تحويل اللحظة إلى مدخل لفرض وقائع جديدة على الحدود وعلى دور لبنان نفسه. وفي قلب هذا الاشتباك، يطلّ اليوم قرار إشراك مدني في لجنة الميكانيزم، كجزء من معادلة يُراد اختبار حدودها وقدرة لبنان على الصمود داخلها.


وبحسب معلومات "ليبانون ديبايت"، اسم السفير سيمون كرم لم يكن طارئًا على الطاولة، بل كان واحدًا من الخيارات المطروحة منذ مدة ليرأس الوفد اللبناني، رغم أنّه من الشخصيات التي لا ترى في المقاومة طريقًا واقعيًا لحماية البلد، وهذا بحد ذاته مكمن هشاشة سياسية داخلية. لكن لبنان اليوم مضطر للتعامل مع الوقائع كما هي، والبناء على التجربة لا على الذاكرة وحدها، فالنقاش ليس حول هوية الشخص، بل حول هوية المهمة: على ماذا سنتفاوض؟ وبأي شروط؟ وأي أثمان سنُجبر على دفعها؟


منذ فترة، طرح لبنان عرضه توسيع لجنة الميكانيزم لتضمّ مدنيين من أجل التفاوض غير المباشر مع العدو، على أساس أن اللجنة انبثقت عن اتفاق وقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي لا يزال متمسّكًا به حتى اللحظة. بعد انتظار طويل، عقدت المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس لقاءات في إسرائيل الثلاثاء الماضي، أنتجت موافقة على المطلب اللبناني بتوسيع اللجنة وإدخال مدني رئيسًا للوفد. وبحسب معلومات "ليبانون ديبايت"، أبلغت أورتاغوس هذا القرار للسفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى الذي نقله بدوره إلى رئيس الجمهورية.


وبعد وصول عدد المدنيين في اللجنة إلى ثلاثة يمثّلون لبنان وأميركا وإسرائيل، يتردد أن فرنسا ستقوم بالمثل، وهناك اسم سفير فرنسي سابق مطروح للمهمة، ولكن لا قرار نهائي بذلك بعد.


الأهم أن توسيع الميكانيزم ليس المشكلة. المشكلة أن الطاولة بحد ذاتها قد تتحول إلى فخ إذا كان المطلوب من لبنان أن يمنح تنازلات تحت عنوان "وقف النار". فإذا كان الهدف هو تثبيت وقف العدوان وانسحاب إسرائيل وفرض تطبيق ما أقره مجلس الأمن في القرار 1701 الذي يلتزم به لبنان، فهذا مسار قابل للنقاش. لكن هل إسرائيل أصلًا تريد ذلك؟ أم تريد إدخال لبنان في متاهة تفاوضية تشبه تلك التي تمارسها مع دمشق منذ أشهر، أي تفاوض بلا نتائج، ووعود بلا التزامات، ومطالب بلا مقابل؟ التجربة السورية، بكل ما فيها من صبر واستنزاف، ليست بعيدة عن المشهد اللبناني، وقد تكون المثال الحي لما تريده تل أبيب من تسويات من طرف واحد، وتنازلات مفتوحة، وتفاوض يمنحها وقتًا إضافيًا لتوسيع التموضع.


في الأوساط اللبنانية سؤال عن الثمن الذي حصل عليه لبنان جراء قبوله بتوسيع اللجنة. وبحسب المعلومات، يتحدث البعض عن أن الثمن هو إبعاد شبح الحرب، رغم أن هناك وجهة نظر تقول إن التهديد بالحرب كان هدفه جرّ لبنان إلى هذه النقطة، التي تشكّل بلا أي شك خطوة أولى في مسار تريد له أميركا وإسرائيل أن ينتهي بتفاوض مباشر على مستوى سياسي. ولكن ماذا عن استمرار التصعيد؟ وهل تخوض إسرائيل التصعيد للضغط على المفاوض اللبناني كعادتها بالتفاوض تحت النار؟


تؤكد معلومات "ليبانون ديبايت" أنّ لا ضمانات مقدّمة للبنان يمكن التعويل عليها، وهناك وعد أميركي فقط بأن إسرائيل قد تهدأ بحال التزمت الحكومة اللبنانية بما عليها. ولكن لا بد من التأكيد أنّ هذه الخطوة تُبدّل الشكل العسكري للتفاوض إلى شكل سياسي ومدني، وستسعى إسرائيل لتصويره كأنه النقلة النوعية التي تسعى إليها، في الوقت الذي يقول فيه الواقع إنها خطوة جديدة لكنها لا تعني لا التطبيع ولا التفاوض المباشر، مع الإشارة إلى أنّ أحدًا لا يمتلك التصوّر الواضح حول ما إذا كانت ستؤدي إلى ذلك أم لا.


قبل إعلان توسيع الميكانيزم، صدرت تصريحات إسرائيلية تُريد منطقة عازلة في سوريا من حدود دمشق حتى الجولان، ومنطقة مشابهة في لبنان لحماية أمن المستوطنات، فكيف سيردّ لبنان على ذلك؟


في النهاية، التفاوض ليس هزيمة بحدّ ذاته، لكنه قد يصبح كذلك إذا دخل لبنان بلا تصور، بلا ضمانات، وبلا قدرة على حماية أوراق القوة التي يملكها. وبين رغبة لبنان في وقف النار وحسابات إسرائيل في استثمار الوقت، هل نحن أمام بداية حل؟ أم بداية كمين سياسي بحجم المنطقة؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة