لفت النائب فريد هيكل الخازن إلى أنّ زيارة البابا إلى لبنان تُعدّ حدثاً تاريخياً بالغ الأهمية، مؤكداً أنّه تأثر بشدّة عند مشاهدة لحظة سجود البابا لاوون الرابع عشر أمام ضريح القدّيس شربل.
وفي مقابلة ضمن برنامج سبيكتروم عبر "ريد تي في"، أوضح الخازن أنّ "الزيارة تحمل دلالات كبيرة، وأنّ قداسة البابا بحضوره الروحي يشكّل نقطة استقطاب للعالم بأسره، إذ تابع الملايين زيارته للبنان، ما جعل البلاد في صدارة الاهتمام العالمي".
وأشار إلى أنّ "الزيارة جاءت بناءً على دعوة رئيس الجمهورية جوزيف عون، حيث شدّد البابا على مكانة لبنان في قلب الفاتيكان، وعلى دور لبنان الرسالة، لبنان السلام، والوحدة الوطنية، وساحة التلاقي".
وأضاف الخازن أنّ البابا حرص في كل محطة من محطات زيارته على التأكيد على هذه الثوابت، لافتاً إلى أنّ صورة "لبنان الرسالة" ربما تعرضت للتشويه خلال الحرب الأهلية، لكن ذلك لا يغيّر حقيقة أنّ لبنان الحقيقي هو ما ظهر جلياً خلال الزيارة البابوية.
وفي تعليقه على اللقاء الذي جمع البابا بممثّلي مختلف الطوائف في ساحة الشهداء، قال الخازن إنّ لبنان أكبر من أن يُبلَع وأصغر من أن يُقسَّم، مشيراً إلى أنّ فئة قليلة فقط لا تريد العيش المشترك وتسعى إلى تقسيم البلاد، بينما القوى الفاعلة لا ترغب إلا بالحفاظ على وحدة لبنان.
وأوضح أنّ التباينات في الملفات السياسية من السلاح إلى قانون الانتخاب والسياسة الدفاعية أمر طبيعي وقد يصل إلى الخلاف، لكن ذلك لا يعني رفض العيش المشترك, فاللبنانيون اختاروا العيش معاً، وهذا ما كُرّس في الميثاق الوطني واتفاق الطائف، مضيفاً أنّ التجارب أثبتت أنّ أحداً لا يستطيع إلغاء الآخر، وأن الصراع الداخلي لا يؤدي إلى أي نتيجة.
وعن المقصود بكلمة "سلام" التي استخدمها البابا، قال الخازن إنّ المصطلح واسع، موضحاً أنّ البابا تحدث بعد مغادرته لبنان عن ضرورة التخلي عن السلاح والحروب والذهاب نحو السلم، ما يعني أنه تحدّث عن السلام بمعناه الشامل، وليس فقط الروحي.
وأشار إلى أنّ البابا وضع ركائز واضحة للسلام: "لا سلام من دون مفاوضات، ولا سلام من دون مصالحة، ولا مصالحة من دون عدالة، وهذه المبادئ تحفظ الأوطان والكرامة الإنسانية".
أما عن مدى اقتراب السلام، فاعتبر الخازن أنّ الحرب تكفيها جهة واحدة، بينما يحتاج السلام إلى تعاون جميع الأطراف. ورأى أنّ إسرائيل لا تُبدي استعداداً للسلام، والدليل ما تقوم به في سوريا، بينما مصلحة لبنان تكمن في التوجّه نحو السلم وليس الحرب.
وأضاف أنّ إسرائيل تبدو وكأنها تسعى إلى تفكيك الدول المحيطة بها، فيما على لبنان التشبث بخيار السلام وحصر السلاح بيد الدولة، لأن السلاح التقليدي لم يعد يشكل قوة ردع في ظل التطور التكنولوجي الهائل، وأن سلاح المفاوضات والدبلوماسية أكثر فاعلية اليوم.
وفي ما يتعلق بالأخبار المتداولة حول غياب "الكيمياء" بين البابا لاوون والبطريرك الراعي، أوضح الخازن أنّ البابا انتُخب حديثاً، والبطريرك لم يكن على معرفة شخصية به، لكن لقاءهما في روما خلال تطويب المطران ليو، والذي استمر نصف ساعة، كان "أكثر من ممتاز" بحسب ما نقل له الراعي.
وأشار إلى أنّ المقارنات بين زيارة البابا لاوون وزيارة البابا يوحنا بولس الثاني غير دقيقة، لأن الزيارة السابقة جاءت بناءً على دعوة البطريرك صفير، فيما الزيارة الحالية جرت بدعوة من رئيس الجمهورية جوزيف عون، وهذا ما يفسّر اختلاف التفاصيل البروتوكولية.
وأكد أنّ البطريرك الراعي لم يشارك في تنظيم الزيارة إلا في ما يخصّ استقبال بكركي، مشيراً إلى أن الشائعات حول عدم رضى البابا عن الراعي أو عن الكنيسة في لبنان تأتي في سياق الحملات التي تستهدف بكركي، قائلاً: "بالنسبة لنا، بكركي مقدّسة".