يرى الخبير العسكري الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أن "إقدام رئاسة الجمهورية على تعيين سفير سابق بهذا المستوى لترؤس الوفد اللبناني لم يأتِ صدفة، بل جاء نتيجة توافق رسمي مع الحكومة، ومن المؤكّد أيضاً بالتنسيق مع الجهات المعنية من وزراء ونواب. هذه الخطوة تأتي استجابةً للحراك الدبلوماسي الذي شهدناه في اليومين الأخيرين، سواء من خلال وصول وزير خارجية مصر إلى لبنان وما حمله من رسائل، أو من خلال زيارة البابا التي كان يُنتظر أن تتوَّج بدعوة واضحة إلى السلام، إضافةً إلى زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وترؤسها لجنة الميكانيزم".
ويوضح ملاعب أن "لبنان لم يعد قادراً على البقاء من دون أن يقدّم شيئاً، ما دام قد أعلن استعداده للتفاوض، وما دام المطلوب هو مشاركة مدنيين لبنانيين في هذا المسار، وبما أنه لا حل من دون تفاوض، فإن هذا التعيين يُعد خطوة جيدة وفي مكانها، ولا أعتقد أن أي طرف لبناني حريص على مصلحة لبنان يمكن أن يعترض عليها".
ويشير إلى أن "هذه الخطوة ساهمت أيضاً في تفادي ما كان يُطرح تحت عنوان تهديد إسرائيلي بعملية عسكرية كبرى، إذ خفّفت من حدّة التهديد طالما أنها تُعد استجابةً لمطالب أميركية. لكن رغم ذلك، تبقى المخاطر قائمة، ففي غزة، ورغم الاتفاقية التي رعاها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما تزال إسرائيل تدمّر وتحاصر وتقتل، غير ملتزمة بالاتفاقات رغم وجود الرعاة الدوليين، والأمر نفسه يُسقط على سوريا، حيث رأينا توغلات إسرائيلية ساعة تشاء رغم وجود تفاهمات ولقاءات على مستويات عالية بين الجانبين، وهذا يؤكد أن إسرائيل لا تحترم التعهدات، ومن المتوقّع أن يستمر هذا النهج في لبنان مع زيادة الضغط".
أما على المستوى اللبناني، فيلفت ملاعب إلى أن "الجيش قام بواجبه في الجنوب وهو أخذ قرار المرحلة الثانية، في المقابل، تنتظر إسرائيل والولايات المتحدة ما سيجري على الأرض قبل الانتقال إلى المرحلة التالية، ولذلك ستستمر إسرائيل في طلعاتها الجوية وفي خرق الأجواء اللبنانية، وقد تُقدم على استهداف مواقع تدّعي وجود أسلحة فيها، ما يشكّل ضغطاً إضافياً على لبنان وعلى الجيش وعلى الولايات المتحدة أيضاً".
ويشدّد على أن "قرار تعيين سيمون كرم يُعد خطوة مهمة وجريئة، تعبّر عن توافق لبناني واستجابة للحراك الدبلوماسي، وتمنح لبنان وقتاً ثميناً للتوجّه نحو مفاوضات جدية ومسؤولة، فالمبدأ يقوم على وقف الأعمال العدائية، ثم الانتقال إلى تفاوض حول انسحاب الاحتلال الإسرائيلي حتى الخط الأزرق وتسوية النقاط العالقة على امتداده، ويبدو أن حزب الله لم يتعامل مع هذه الخطوة بسلبية أو تمرد، بل تشير المواقف الصادرة عنه إلى أنه يترقّب مسار التفاوض وأين سيؤدي".