اقليمي ودولي

رصد موقع ليبانون ديبايت
الأحد 07 كانون الأول 2025 - 14:28 رصد موقع ليبانون ديبايت
رصد موقع ليبانون ديبايت

عشية الذكرى الأولى لسقوط النظام… خفايا الانسحاب الإيراني "المفاجئ" تخرج إلى العلن

عشية الذكرى الأولى لسقوط النظام… خفايا الانسحاب الإيراني "المفاجئ" تخرج إلى العلن

قبل عام، شكّل الهجوم الذي قادته فصائل إسلامية بقيادة الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع مفصلاً تاريخيًا، إذ تمكّن خلال أيام قليلة من دخول دمشق وإسقاط حكم بشار الأسد الذي امتد لأكثر من خمسة عقود منذ وصول حافظ الأسد إلى السلطة. ومع انهيار العاصمة فجر الثامن من كانون الأوّل 2024، فرّ الأسد نحو روسيا حيث حصل على اللجوء، بينما طويت صفحة طويلة من الحكم بقبضة أمنية حديدية.


وخلال سنوات الحرب، لعبت طهران الدور الأبرز في دعم النظام السابق، إذ نشرت قوات ومستشارين من الحرس الثوري، إلى جانب مجموعات موالية لها أبرزها حزب الله اللبناني وفصائل عراقية وأفغانية. غير أنّ ما لم يكن ظاهرًا حينها هو حجم التراجع المفاجئ الذي أصاب الوجود الإيراني قبيل الانهيار.


ضابط سوري سابق خدم تحت إمرة الإيرانيين في دمشق، قال لوكالة "فرانس برس" إنّه تلقّى اتصالًا مساء الخامس من كانون الأوّل 2024 للحضور فجراً إلى مقر عمليات إيراني في حي المزة فيلات شرقي. وهناك أبلغه المسؤول الإيراني المعروف باسم "الحاج أبو إبراهيم" بقرار بدا صاعقًا للحاضرين: "بعد اليوم، لن يكون هناك حرس ثوري إيراني في سوريا… نحن مغادرون".


وفق روايته، صدرت أوامر عاجلة بإحراق الوثائق الحسّاسة وسحب الأقراص الصلبة من الحواسيب، ثم أبلغوا بأنّهم سيستلمون هوياتهم المدنيّة قريبًا، في إشارة واضحة إلى انتهاء دورهم العسكري. ويقول الضابط: "كنّا نعلم أنّ الأمور تتدهور، لكن لم نتوقّع انهيارًا بهذه السرعة"، مضيفًا أنّ العناصر صُرف لهم راتب شهر مسبق قبل أن يعودوا مذهولين إلى منازلهم.


الانسحاب لم يقتصر على الجبهات، بل شمل المستوى الدبلوماسي أيضًا. إذ يؤكد موظفون سابقون في القسم القنصلي للسفارة الإيرانية أنّ مقرّ السفارة أُخلي بالكامل في الليلة نفسها، وغادر الدبلوماسيون إلى بيروت على عجل.


وفي اليوم التالي، كانت المراكز الأمنية الإيرانية في دمشق فارغة تمامًا. كما شهد معبر جديدة يابوس – المصنع ازدحامًا غير مسبوق، حيث امتد الانتظار لساعات طويلة لعبور ضباط وعناصر إيرانيين ومن عائلاتهم.


وفي الشمال، بدا المشهد أوضح بعد سقوط حلب. العقيد محمد ديبو من وزارة الدفاع السورية قال إنّ القواعد الإيرانية في القسم الغربي من المدينة كانت تمثّل الثقل العسكري لطهران، لكن الهجوم السريع دفعها للانسحاب من مواقعها من دون قدرة على استعادة زمام المبادرة. ويروي كيف عُثر في مقرات تمركز القوات الإيرانية على جوازات سفر وهويات وملفات شخصية تُركت خلفها بسبب سرعة الانسحاب، في وقت كانت فيه الغارات الإسرائيلية تضرب بشكل متواصل مواقع إيرانية في عمق الأراضي السورية.


كما يشير ديبو إلى أنّ ما يقارب أربعة آلاف مقاتل إيراني تم إجلاؤهم عبر قاعدة حميميم الروسية نحو طهران، بينما انسحبت مجموعات أخرى باتجاه لبنان والعراق، بحسب شهادات متقاطعة مع قياديين ميدانيين.


ومع قيادة حكومة الأسد السابقة المعركة الأخيرة من دون حلفائها التقليديين، لم يستغرق الانهيار وقتًا طويلًا. ومع فجر الثامن من كانون الأوّل، اختفى الوجود الأمني الإيراني بالكامل من العاصمة، تاركًا النظام يواجه مصيره منفردًا.


اليوم، وبينما تستعد سوريا لإحياء الذكرى الأولى لسقوط النظام السابق، تبقى خفايا تلك الساعات الأخيرة موضوعًا مفتوحًا على تساؤلات لا تنتهي حول طبيعة العلاقة بين دمشق وطهران في النهاية، وما إذا كان الانسحاب الإيراني السريع قد عكس تبدّلًا استراتيجيًا سبق سقوط السلطة بوقت قصير، أم مجرّد تخلٍّ اضطراري تحت ضغط تسارع الأحداث.


وبينما تحاول القيادة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع تثبيت مرحلة سياسية ودبلوماسية مغايرة، يعود الجدل مجددًا حول الدور الإيراني في سوريا، وكيف اختار أن يغادر المشهد صامتًا، تاركًا النظام القديم ينهار وحيدًا أمام موجة التغيير الكبرى.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة