تشهد الساحة الإقليمية حراكًا لافتًا بعد سلسلة من التسريبات الصوتية والمرئية المنسوبة إلى الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد ومستشارته السابقة لونا الشبل، التي توفيت في حادث سير، وسط تقديرات استخباراتية في الشرق الأوسط والغرب بأن هذه التسريبات قد تكون مقدمة لسيناريو أوسع يتمثل في تسليم الأسد للسلطات في "سوريا الجديدة" بغرض محاكمته على الجرائم التي ارتكبها خلال فترة حكمه.
وبحسب ما نقلته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن مصادر دبلوماسية وأمنية عربية وغربية، فإن أجهزة مخابرات من الولايات المتحدة وأوروبا تعمل بالتنسيق مع جهات روسية لصياغة واقع سياسي جديد يتعلق بمصير الأسد. وتشير التقارير إلى أن موسكو وافقت على بحث طلب رسمي قدّمه الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، لتسليم الأسد وعدد من كبار مسؤولي النظام السابق المقيمين داخل روسيا والمطلوبين للتحقيق.
ورغم غياب الأدلة القاطعة حول صحة المقاطع المسربة، فإن شخصيات سياسية ومنشقين سوريين درسوا الفيديوهات التي ظهر فيها الأسد والشبل وشخص ثالث لم تُعرف هويته. بث المقاطع عبر قناتي "العربية" و"الحدث"، أثار تساؤلات واسعة، خاصة مع التأكيد بأن القناتين حصلتا على "مواد حصرية"، ما عزز الاعتقاد بأن موجة تسريبات أخرى قد تكون في الطريق. وترافق ذلك مع تحليلات ترى أن نشر المقاطع في ذكرى سقوط نظام الأسد لم يكن مصادفة، وأن توقيت إذاعتها عبر منصات مقربة من السعودية ومن الرئيس الشرع يعزز فرضية وجود عملية سياسية منظمة لإعداد الأرضية لعزل الأسد ومحاكمته.
مصدر دبلوماسي عربي في موسكو قال للصحيفة إن المقاطع التي يتحدث فيها الأسد عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وصولًا إلى ذكره استخدام "البوتوكس"، قد تُفهم كاستفزاز مقصود لروسيا بهدف دفع بوتين إلى التخلي عنه وربما تسليمه رسميًا للسلطات السورية. وتشير شخصيات دولية إلى أن التسريبات "منسّقة" وليست عشوائية، وأنها قد تأخذ منحى سياسيًا أكبر، خصوصًا في ظل معلومات من داخل الحكم الجديد في دمشق حول نية استدعاء مسؤولين سابقين في نظام الأسد، بعضهم تحت حماية روسيا أو دول أخرى، للإدلاء بشهاداتهم في محاكمات محتملة.
التقرير يشير كذلك إلى أن الرئيس أحمد الشرع، خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، طلب رسميًا من واشنطن المساعدة في تحديد أماكن مسؤولين سابقين ونقلهم إلى سوريا، وخصوصًا المتورطين في عمليات قمع وانتهاكات. وتطرح تقارير عديدة تساؤلات حول استخدام قناة تلفزيونية قريبة من الشرع ومن السياسة السعودية منصةً لبث التسريبات في هذا التوقيت، وما إذا كانت العملية جزءًا من تحالف إقليمي ودولي يدفع نحو إنهاء حقبة الأسد بصورة قانونية وسياسية.
تتقاطع المؤشرات حول احتمال دخول الملف السوري مرحلة جديدة قد تتضمن محاسبة رموز النظام السابق وربما تسليم بعضهم، في خطوة غير مسبوقة منذ انطلاق الثورة السورية. ورغم عدم وجود تأكيدات حتى الآن، إلا أن حجم الضجيج السياسي والإعلامي يجعل المشهد مفتوحًا على تطورات كبرى محتملة في الفترة المقبلة.