الأخبار المهمة

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 09 كانون الأول 2025 - 11:06 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

مشروع الفجوة المالية يثير زوبعة كبيرة... الحكومة "تشرّع" سرقة المودعين!

مشروع الفجوة المالية يثير زوبعة كبيرة... الحكومة "تشرّع" سرقة المودعين!

"ليبانون ديبايت"

أثار تسريب مسودة مشروع قانون الفجوة المالية الذي تعمل الحكومة على إعداده موجة واسعة من الجدل والاستنكار، بعدما كشفت تفاصيله عن توجّه جديد يهدف إلى إعادة توزيع الخسائر بطريقة تعمّق الانقسام بين المودعين وتحمّلهم الجزء الأكبر من كلفة الانهيار.

فالمسودة المسرّبة، التي كان يُفترض أن تبقى قيد النقاش الداخلي، جاءت محمّلة بإجراءات ذات طابع عقابي للمودعين، من بينها إعادة احتساب الفوائد بأثر رجعي وتمييز الودائع وفق معايير مبهمة وغير عادلة، ما أعاد إلى الواجهة أسئلة كبرى حول هوية الجهة التي ستُحمَّل كلفة الإفلاس المالي الحقيقي للدولة والمصارف.

وفي هذا السياق، قدّم الناشط في الدفاع عن حقوق المودعين إبراهيم عبدالله في حديث إلى "ليبانون ديبايت" تعليقًا صارمًا على مضمون المسودة، معتبرًا أنها حلقة جديدة في سلسلة القوانين التي تُفصَّل لخدمة المصارف على حساب أصحاب الودائع.


ورأى عبدالله أنّ المشروع المسرّب لا يعالج جوهر الأزمة، بل يشرّع مقاربة انتقائية تعيد إنتاج الظلم نفسه الذي يعيشه المودعون منذ أكثر من سبع سنوات، محذرًا من خطورة اعتماد الأثر الرجعي وتجاهل مسؤولية المصارف والسلطات النقدية عن الانهيار. قال الناشط عبد الله إن مشروع قانون الفجوة المالية، الذي يأتي بعد أكثر من سبع سنوات على الجريمة المالية المستمرة، لا يقدّم حلولًا حقيقية، بل يكرّس النهج الشعبوي نفسه الذي يُمعن في الاعتداء على حقوق المودعين.


وأكّد أنّ المشروع يواصل التعامل مع الأزمة عبر تقسيم المودعين بين من هم فوق المئة ألف دولار وتحتها، وكأن المشكلة تكمن في المودِع لا في النظام المصرفي والمالي الذي انهار نتيجة سياسات النهب والهدر والمحاصصة. ولفت عبد الله إلى أنّ اعتماد مبدأ الأثر الرجعي في المشروع، عبر إعادة احتساب أي فائدة تفوق 2% ابتداءً من عام 2015، يُعدّ مخالفة صريحة لقواعد التشريع التي تمنع تطبيق القوانين بأثر رجعي.


وأوضح أنّ واضعي المشروع يحاولون تبرير هذا الإخلال داخل نص القانون نفسه، وكأن الأثر الرجعي يصبح مشروعًا فقط عندما يُستخدم لشطب الالتزامات وتقليص الخسائر عن المصارف، متسائلا هل يمكن الطلب ممن سدد قروضه لا سيما كبار المقترضين على سعر 1500 ليرة ان يعيدوها وفق قيمتها الفعلية اليوم؟


وشدّد عبدالله على أنّ الحديث عن “ودائع غير مشروعة” يجب أن يقود مباشرة إلى مساءلة المصارف التي استقبلت هذه الأموال وأدخلتها إلى النظام المصرفي، لا إلى معاقبة المودعين اليوم. وأضاف أنّ المصارف لا يمكنها أن تستيقظ فجأة على "التشدد" بعد سنوات من القبول بأي سيولة كانت تصلها.


كما اعتبر أنّ التمييز بين “ودائع مؤهّلة” و“غير مؤهّلة” يشكّل ظلمًا فاضحًا، إذ إن كثيرًا من المودعين اضطروا بعد 17 تشرين إلى تغيير شكل ودائعهم أو توزيعها بين المصارف خوفًا من الانهيار، مؤكدًا أن هذا التغيير القسري لا يمكن اعتباره معيارًا لنزع أهلية المودع أو التشكيك بقانونية وديعته، وبرأيه لا يجب التمييز بين وديعة كبيرة واخرى صغيرة فهي حق للمودع ولا يمكن للعبارات الشعبوية طمس هذه الحقيقة.


وأشار إلى أنّ وديعته الشخصية قانونية ومودَعة قبل 17 تشرين، لكنه يرفض الحديث عن قضيته الخاصة، مؤكّدًا أنّ قضية المودعين واحدة ولا يمكن تجزئتها. وانتقد عبد الله بشدّة فرض استرجاع الفوائد المدفوعة منذ عام 2015، في وقت حُرم المودعون من الوصول إلى أموالهم بين 2019 و2025، ما أدى إلى تآكل قيمتها وضياع قدرتهم على استثمارها.


وأكّد أن هذه الفوائد لم تكن من أموال الدولة، بل من أموال المصارف التي دفعتها لاستقطاب السيولة، قبل أن ينهار النظام برمّته. واعتبر أنّ القانون الذي يقتطع الفوائد بأثر رجعي ويتجاهل خسائر المودعين الناتجة عن حجز الودائع هو اعتداء إضافي لا يمكن تبريره.


ولفت عبدالله إلى أنّ مطالبة المودعين "بسجلاتهم" لاقتطاع الفوائد منهم تعني ببساطة تخفيف المطلوبات عن المصارف على حساب الناس. وأضاف: "الأثر الرجعي الذي لم يكن ممكنًا عند مطالبتنا بقانون كابيتال كونترول على التحويلات إلى الخارج، أصبح متاحًا اليوم فقط لاقتطاع حقوق المودعين”.


وسأل: "لماذا كان الأثر الرجعي محرّمًا عندما كان سيحمي المودعين، وأصبح الآن مقبولًا لأنه ينتزع أموالهم؟". وأشار إلى أنّ تعاميم الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة بعد 2019، التي منعت تحويل الأموال إلى الخارج، طُبّقت بصورة استنسابية، وكانت المصارف تتذرّع دائمًا بأنها "ليست قانونًا ملزمًا"، بينما رفضت السلطة إصدار قانون كابيتال كونترول حقيقي بحجة عدم جواز تطبيقه بأثر رجعي، أمّا الآن، فيُستخدم المفهوم نفسه لخدمة المصارف فحسب.


ورأى عبدالله أنّ ما يسمّى بـ"الفجوة المالية" ليس مجرد رقم تقني، بل هو حصيلة سنوات من الفساد والهدر والمحسوبيات، ومع ذلك يجري اليوم تحميل كلفته للمودعين، واعتبر أنّ أكثر أشكال الظلم وضوحًا هو معاقبة من بقيت أمواله محجوزة عبر استرجاع الفوائد منه، مقابل من سحب أمواله في 2016 أو 2020 واستفاد من الفوائد كاملة، قائلاً: "هل يُعقل أن يُعاقَب من حُجزت أمواله، ويُكافَأ من تمكّن من سحبها؟”.


كما أشار إلى أنّ الاستشهاد بالمادة 15 من الدستور لتبرير تقييد الملكية الفردية هو إساءة واضحة لاستخدام النصوص الدستورية، إذ إن جوهر الدستور حماية الملكية لا تشريع احتجازها، سائلًا: "هل تبرّر المصلحة العليا أن يهرّب النافذون أموالهم إلى الخارج بينما تُحتجز أموال الناس؟ أيّ مصلحة عامة هذه التي تحمي أصحاب القرار وتترك المواطنين محاصرين بودائعهم؟ وهل تحويل الودائع الى سندات خطوة لإعفاء المصارف من التزاماتها إتجاه المودعين وتشريع إستمرار إحتجاز الودائع؟


وختم عبدالله مؤكّدًا أنّ "إنتاج قوانين غير قابلة للتنفيذ هو استمرار لسياسة تقاذف المسؤوليات، وأن الهدف الحقيقي من هذه التشريعات ليس الحل، بل شرعنة سرقة الودائع وتمرير الوقت ريثما تتآكل قيمتها بفعل التضخم، مشدّدًا على أنّ النظام ما زال يحمي كبار المصارف والنافذين، سواء من هرّبوا أموالهم أو من أقفلوا قروضهم على سعر 1500 واستفادوا من الانهيار على حساب المودعين.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة