أفادت وكالة "رويترز" نقلاً عن ثلاثة مصادر أمنية وعسكرية مصرية، أنّ الجماعات الفلسطينية المناهضة لحركة حماس والمدعومة من إسرائيل كثّفت نشاطها في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية داخل قطاع غزة منذ بدء الهدنة الأخيرة، مشيرة إلى أنّ عدد مقاتلي هذه الجماعات ارتفع إلى نحو 1000 عنصر، بزيادة تُقدّر بحوالي 400 مقاتل منذ وقف إطلاق النار في تشرين الأول.
ووفق المصادر، تعمل هذه الجماعات على توسيع عملياتها في ظل غياب اتفاق شامل يتعلق بمستقبل القطاع، مع توقّعات بازدياد نشاطها خلال المرحلة المقبلة نتيجة استمرار الجمود السياسي. وتشارك مصر بعمق في المفاوضات المرتبطة بالنزاع، ويعتقد مسؤولوها أنّ استمرار غياب حل نهائي سيؤدي إلى توسّع نشاط تلك المجموعات.
ورغم صغر حجم هذه القوات وطابعها المحلي، فإن بروزها يمثّل تحديًا إضافيًا لحركة حماس التي تسعى لترسيخ قبضتها على المناطق التي تسيطر عليها داخل غزة، الأمر الذي يزيد تعقيد المشهد أمام أي جهود تهدف إلى تثبيت الاستقرار بعد حرب مدمّرة مستمرة منذ نحو عامين.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أقرّ منتصف العام بتقديم إسرائيل دعماً لتحركات هذه الجماعات ذات الخلفية العشائرية، من دون الكشف عن طبيعة هذا الدعم أو حجمه.
وفي الأسبوع الماضي، قُتل ياسر أبو شباب، الشخصية المركزية في تشكيل القوات المناهضة لحماس في رفح جنوب غزة. وقالت مجموعته "القوات الشعبية" إنه قُتل أثناء وساطة في نزاع عائلي من دون توضيح هوية القاتل. وتولّى نائبه غسان دهيني القيادة، مؤكداً استمرار المسار ذاته.
وتصف حماس هذه المجموعات بأنها "عملاء"، وهو ما يرى محللون فلسطينيون أنه توصيف يحظى بقبول واسع في الشارع. كما تشير معلومات إلى أنّ الحركة تحرّكت سريعًا ضد من تحدّوا سلطتها منذ بداية الهدنة المدعومة أميركياً، ما أدى إلى مقتل العشرات بتهم تتعلق بالتعاون مع إسرائيل.
ويعيش نحو مليوني فلسطيني في مناطق تسيطر عليها حماس، حيث تعمل الحركة على إعادة تنظيم صفوفها، بينما أكدت أربعة مصادر من داخلها أنها ما زالت تحتفظ بآلاف المقاتلين رغم الخسائر الثقيلة خلال الحرب.
وفي المقابل، ما زالت إسرائيل تسيطر على أكثر من نصف مساحة القطاع، في مناطق تنشط فيها هذه الجماعات بعيدًا عن متناول حماس. ومع تباطؤ تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، لا تلوح في الأفق أي انسحابات إسرائيلية إضافية في الوقت القريب.
ونقلت رويترز عن دبلوماسي أنّ هذه الفصائل لا تملك قاعدة شعبية حقيقية، إلا أنّ ظهورها يثير مخاوف بشأن استقرار القطاع ويزيد احتمالات اندلاع صراع داخلي فلسطيني.
ومنذ مقتل أبو شباب، نشرت مجموعته ومجموعتان أخريان تسجيلات تُظهر عشرات المقاتلين، مع تعهّد قادتهم بمواصلة التحرك نفسه. وفي مقطع صُوِّر في 5 كانون الأول، ظهر دهيني قائلاً إن مقتل أبو شباب "خسارة فادحة"، مؤكدًا أنّ العمل سيُستكمل "بقوة أكبر". وراجعت "رويترز" الموقع وتبيّن أنه في محافظة رفح، استنادًا لمطابقة المكان مع صور أرشيفية ولقطات أقمار صناعية.
وفي 7 كانون الأول، أعلن دهيني إعدام شخصين قال إنهما من عناصر حماس، متهماً إياهما بقتل أحد أفراد مجموعته. من جهته، قال مسؤول أمني في تحالف الفصائل المسلحة بقيادة حماس إن هذه الحوادث لا تغيّر المعادلة القائمة على الأرض.
أما حسام الأسطل، قائد فصيل آخر في خان يونس، فأكد خلال زيارة لقبر أبو شباب أنّ "الحرب على المسلحين ستستمر"، قائلاً إنّ "مشروع غزة الجديدة سيمضي قدماً". وفي اتصال أواخر تشرين الثاني مع رويترز، قال إن مجموعته تحصل على أسلحة وأموال ودعم آخر من "أصدقاء دوليين" لم يسمّهم، فيما نفى تلقي دعم عسكري من إسرائيل، لكنه أقر بوجود تواصل معها بشأن "تنسيق دخول الغذاء والمواد الأساسية".
وأشار الأسطل إلى أنه يتحدث من داخل غزة في منطقة تخضع للسيطرة الإسرائيلية قرب "الخط الأصفر"، مؤكداً أنّ مجموعته ضمّت مجندين جدداً بعد الهدنة وأصبحت تتألف من عدة مئات من المقاتلين والمدنيين. وأكّد مصدر قريب من "القوات الشعبية" توسّعها أيضاً، من دون تحديد عدد دقيق.
وفي المقابل، شدّد المتحدث باسم حماس حازم قاسم على أنّ الأجهزة الأمنية تلاحق المتعاونين "حتى القضاء على هذه الظاهرة"، مشيراً إلى أنّ وجود هذه الجماعات في مناطق تسيطر عليها القوات الإسرائيلية يجعل ملاحقتها "أكثر صعوبة".