قدّمت المفتشية العامة للشؤون الثقافية في فرنسا، تقريرًا شديد اللهجة إلى مجلس الشيوخ الفرنسي، اليوم الأربعاء، حول الثغرات الأمنية الخطيرة التي سمحت بالسطو على مجوهرات تاريخية من متحف اللوفر في تشرين الأوّل 2025، في حادثة هزّت واحدًا من أهم المتاحف في العالم.
وبحسب التقرير الذي استعرضه رئيس المفتشية نويل كوربان، فإنّ إدارة المتحف، والجهة الوصية عليه، أي وزارة الثقافة الفرنسية، تتحمّلان مسؤولية “إخفاقات عامة” وإهمال تراكم على مدى سنوات، مؤكدًا أنّ الوزارة لم تمارس رقابتها كما يجب.
ولم يوفر كوربان إدارة اللوفر نفسها من الانتقاد، مشيرًا إلى أنّ الرئيسة الحالية لورانس ديكار وسلفها جان لوك مارتينيز لم يطّلعا على تقارير تدقيق حساسة حول أمن المتحف وأقسامه الأكثر قيمة.
التقرير أظهر أنّ جميع الوسائل اللازمة لمنع السرقة كانت متاحة، لكنها بقيت “جامدة وغير فعّالة”. فغرفة المراقبة وُصفت بأنها ضيقة ومحدودة الشاشات، ما أعاق موظفي الأمن عن التقاط مسار اللصوص بدقة، رغم قيامهم بتفعيل بروتوكولات السطو.
وأشار كوربان إلى أنّ النافذة التي خرج منها الجناة من قاعات أبولون كانت مؤمنة بشكل ضعيف منذ عام 2003، وأنّ زجاجها لم يصمد أمام أدوات الكسر إلا لثوانٍ معدودة. أما خزائن حماية الجواهر، فقد قاومت المناشير الكهربائية المحمولة لمدة ثلاث دقائق فقط، وهي معدات لم تكن واردة في “سيناريوهات الأمن” الموضوعة مسبقًا.
الأخطر، وفق التقرير، أنّ الشرطة لم تُوجَّه بشكل مناسب للقبض على اللصوص فور فرارهم. وقال كوربان:“لو تأخر اللصوص ثلاثين ثانية فقط، لكانت العملية أُحبطت بالكامل”.
وفي واقعة أثارت ضجة واسعة، انتزع اللصوص خلال سبع دقائق فقط مجوهرات تقدّر قيمتها بـ 102 مليون دولار، بينها قطع نادرة عائدة للعائلة الإمبراطورية الفرنسية، قبل أن يتركوا أدواتهم خلفهم ويسقط منهم تاج الإمبراطورة أوجيني التاريخي.
وجاءت العملية بعد أسابيع من حادثة أخرى كشفت بدورها عن تردّي البنية التحتية للمتحف، إذ تسبّب تسرّب مياه الشهر الماضي بتلف ما بين 300 و 400 كتاب في مكتبة قسم الآثار المصرية.
كما كشفت وسائل إعلام فرنسية أنّ نظام كاميرات المراقبة كان محميًّا بكلمة مرور وصفَتها تقارير الأمن السيبراني بأنها “بدائية وسهلة الاختراق”.
خلص التقرير إلى أنّ السيناريو الأمني المتعلق بالسرقة لم يؤخذ على محمل الجد، وأنّ خطر التسلل والسطو كان أقل تقديرًا مما يجب، داعيًا إلى فرض رقابة خارجية على أمن المتحف الذي استقبل 8.7 مليون زائر العام الماضي.
وتساهم هذه النتائج في زيادة الضغط السياسي والشعبي على إدارة اللوفر ووزارة الثقافة الفرنسية، في وقت تتواصل فيه التحقيقات مع مشتبه بهم، وسط مطالب بإعادة هيكلة شاملة لنظام الحماية للمحافظة على كنوز يُعد فقدانها خسارة عالمية لا تُعوّض.