يُضاف إلى سجلّ "إنجازات" وزير الطاقة جو الصدّي وحزبه، القوات اللبنانية، فصلٌ جديد من الإخفاق، بعدما كانا قد وعدا اللبنانيين بـ"كهرباء 24 على 24 خلال سنة"، فإذا بلبنان بعد تسعة أشهر من استلامهم الوزارة يتأرجح بين عتمة وعتمة، فيما تتخبّط الوزارة في إدارة ملفها الأساسي وتُغرق الناس في الظلام.
فالباخرة التي تأخّر وصولها ليست مجرّد حادث تقني عابر، بل نتاج عقد بالتراضي بين وزارة الطاقة وشركة KPC – مؤسسة البترول الكويتية، وهو عقد يشمل عدّة بواخر وبأسعار مرتفعة، ومع ذلك تتخلّف الشركة عن التسليم. فأي وزارة هذه التي تُغرق اللبنانيين في العتمة وتعجز عن تأمين شحنة واحدة في موعدها؟ وكيف لوزارة تعد بإصلاح قطاع الكهرباء أن تفشل في أبسط أساسياته، وهو تأمين الفيول؟
وفي بيان تبريري جديد، صدر عن مؤسسة كهرباء لبنان، أعلنت فيه أن شحنة الغاز أويل التي كان يفترض وصولها بين 5 و8 كانون الأول 2025 قد تأخرت، وباتت منتظرة في 12 كانون الأول بعد الظهر، ما أدى إلى انخفاض حاد في مخزون المعملين الأساسيين في الزهراني ودير عمار، وصولًا إلى حافة النفاد.
وبدل الاعتراف بالمسؤولية السياسية والإدارية، اكتفت المؤسسة بالقول أن الوضع "خارج إرادتها"، معلنة أنها اضطرت إلى إطفاء مجموعة إنتاجية في معمل الزهراني، والإبقاء على إنتاج محدود في دير عمار، لتفادي العتمة الشاملة ومجرّد إبقاء "المرافق الحيوية" على قيد التغذية.
لكن الحقيقة أبعد من "تأخير باخرة"، الحقيقة أنّ بلدًا يُدار بهذه الطريقة يُساق نحو العتمة عن سابق تصور وتصميم، فالادارة عاجزة عن التخطيط لأسابيع، فكيف لسنة من وعود "24/24"؟
ورغم أن وزارة طاقة لا تعرف إدارة قطاعها، ولا مؤسسة كهرباء قادرة على تفادي الانهيار إلا عبر بيانات تبريرية. إلا أن الأخطر هو أنّ القوات اللبنانية، التي دخلت الوزارة رافعة شعار "الإصلاح الجذري"، باتت اليوم غارقة في وحل الوزارة نفسها، وعود متبخرة، إدارة مرتجلة، وتمسّك بخيارات أثبتت فشلها. فالحزب الذي اعتبر هذا الملف بوابةً لإظهار قدرته على الحكم، يقدّم اليوم نموذجًا مضادًا تمامًا: أداء يولّد العتمة بدل الحلول، وتبريرات تُشبه تلك التي كان ينتقدها طوال سنوات.
فما هذه الوزارة التي تُطفئ البلد مرة بعد أخرى؟ وما هذا الفريق السياسي الذي وعد اللبنانيين بالإنقاذ فإذا به يعيد إنتاج الأزمة بأساليب جديدة؟
اللبنانيون يستحقون كهرباء، لا بيانات اعتذار. ويستحقون وزارة تُدير، لا وزارة تُغرق الناس في الظلام وتقول: "خارج إرادتنا".