خلصت منظمة العفو الدولية، في تقرير موسّع صدر اليوم الخميس في 11 كانون الأول، إلى أنّ حركة "حماس" وفصائل فلسطينية مسلّحة أخرى ارتكبت جرائم ضدّ الإنسانية خلال الهجوم الذي شنّته على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023 وفي طريقة معاملتها للرهائن الذين نُقلوا إلى غزة. ويُعدّ هذا التقرير أول وثيقة تصنّف أحداث ذلك اليوم ضمن هذا الإطار، بعدما اكتفت المنظمة سابقًا بوصفها جرائم حرب.
وبحسب التقرير، الذي يقع في 173 صفحة، اعتمدت "العفو الدولية" على مقابلات مع 70 شاهدًا، من بينهم ناجون وأقارب ضحايا وخبراء في الطب الشرعي ومهنيون طبيون، كما زارت المنظمة مواقع للهجوم وراجعت أكثر من 350 مقطع فيديو وصورة توثّق الأحداث وظروف احتجاز الرهائن داخل غزة. وأوضحت أن تحليل أنماط الهجوم والاتصالات بين المقاتلين وبيانات "حماس" وفصائل أخرى قاد إلى خلاصة مفادها أنّ المقاتلين ارتكبوا: القتل والإبادة، التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، السجن والاختفاء القسري، إضافة إلى الاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي، وإن أشارت إلى صعوبة تحديد نطاقها الكامل. واعتبرت المنظمة أنّ هذه الجرائم وقعت في سياق "هجوم واسع النطاق ومنهجي ضدّ المدنيين"، مؤكدة أن الأدلة تشير إلى صدور تعليمات واضحة باستهدافهم.
من جهتها، رفضت حركة "حماس" التقرير بشدة، معتبرة أنّ دوافعه "مغرضة ومشبوهة"، وأنه يتضمّن "مغالطات" وتناقضات مع ما تقول إنّه وثّقته منظمات حقوقية عدة، بما فيها منظمات إسرائيلية. كما رأت الحركة أنّ التقرير يكرّر "مزاعم الاحتلال" حول الاغتصاب وسوء معاملة الأسرى، وتحدّثت عن "تحقيقات وتقارير دولية" نفت هذه الادعاءات، من دون تقديم أمثلة. وطالبت "حماس" المنظمة بسحب التقرير، مشيرة إلى أنّ إسرائيل منعت منذ الأيام الأولى للحرب دخول المنظمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة إلى غزة، ما حال دون تمكّن فرق التحقيق المستقلة من توثيق الحقائق.
ووفق المعطيات التي أوردها التقرير والسلطات الإسرائيلية، أدّى هجوم 7 تشرين الأول إلى مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، إضافة إلى أخذ 251 رهينة، بينهم أطفال، تبيّن أن 44 منهم كانوا قد فارقوا الحياة قبل نقلهم إلى غزة. وبحلول نهاية عام 2025، أُفرج عن جميع الرهائن الباقين، سواء بموجب اتفاقات وقف إطلاق النار أو عبر عمليات عسكرية إسرائيلية، باستثناء جثمان ضابط إسرائيلي ما يزال داخل القطاع.
وتحمّل "العفو الدولية" حركة "حماس" وكتائب عز الدين القسام المسؤولية الأساسية عن الجرائم الموثّقة، وتشير أيضًا إلى مسؤولية أُخرى بدرجة أقل تقع على حركة الجهاد الإسلامي، وكتائب شهداء الأقصى، إضافة إلى مدنيين فلسطينيين غير منتمين شاركوا في الهجوم. ويؤكد التقرير أنّ عملية احتجاز الرهائن جرى تنفيذها وفق "خطة معلنة" من قيادة "حماس" وفصائل أخرى، وليست عملاً عشوائيًا.
وفي ما يتعلق بالمسار القضائي الدولي، تشير المنظمة إلى أنّ المحكمة الجنائية الدولية تقدّمت في أيار 2024 بطلبات لإصدار مذكرات توقيف بحق ثلاثة من كبار قادة "حماس": إسماعيل هنية، محمد ضيف، ويحيى السنوار، قبل أن تُسحب هذه الطلبات بعد مقتلهم في وقت لاحق من العام نفسه. وفي تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت على خلفية جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية خلال الحرب على غزة.
وتعود "العفو الدولية" للتذكير بتقاريرها السابقة، إذ كانت قد اتهمت إسرائيل في كانون الأول 2024 بارتكاب إبادة جماعية في غزة، ثم أعادت التأكيد أواخر 2025 أنّ إسرائيل "ما زالت ترتكب إبادة"، رغم دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 10 تشرين الأول 2025. وفي المقابل، رفضت إسرائيل هذه الاتهامات بالكامل، ووصفت تقارير المنظمة بأنها "ملفّقة" و"خاطئة".
وتشير بيانات وزارة الصحة في غزة إلى أنّ الحرب التي تلت هجوم 7 تشرين الأول 2023 أدّت حتى كانون الأول 2025 إلى مقتل أكثر من 70 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، إضافة إلى دمار واسع وتهجير شبه كامل للسكان.