المحلية

placeholder

المحرر السياسي

ليبانون ديبايت
الاثنين 15 كانون الأول 2025 - 07:00 ليبانون ديبايت
placeholder

المحرر السياسي

ليبانون ديبايت

جنبلاط خائف من معمودية الدم الدرزية

جنبلاط خائف من معمودية الدم الدرزية

"ليبانون ديبايت" - المحرر السياسي


مبكرًا، أعطى وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق، والذي لا يزال يمسك فعليًا بقرار الحزب رغم تصدير نجله تيمور كرئيس حالي له، إشارة انطلاق الاستعدادات للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في العام القادم.

ورغم أن عملية اختيار مرشحي الحزب الاشتراكي، وخصوصًا الدروز، تُلقي بثقلها على المختارة وتُسبّب إرباكًا داخليًا، لكونها المرة الأولى منذ اتفاق الطائف التي ستشهد غياب أسماء تاريخية عن ورقة الاقتراع كنائب عاليه أكرم شهيب ونائب الشوف مروان حمادة، غير أن جنبلاط لا يُكترث كثيرًا للأصوات الممتعضة داخليًا، على اعتبار أنها ستسير في نهاية المطاف كما يريد زعيم قصر المختارة.


غير أن ما يؤرق جنبلاط لا يقتصر فقط على عدم نجاح نجله تيمور في الإمساك بمفاصل الحزب، وذلك لأسباب تتعلق برئيس كتلة اللقاء الديمقراطي نفسه من جهة، وبرغبة والده في البقاء ضمن الأضواء من جهة ثانية، بل يتعداه إلى جملة أسباب تتعلق بالدروز على صعيد الشرق الأوسط.


وكانت الدورات الانتخابية السابقة شاهدة على براعة وليد جنبلاط في اختيار “فزّاعات” لتخويف جمهوره وتعبئته وحشده يوم الانتخابات لرفع نسبة الاقتراع لمرشحيه. فعلها في انتخابات 2005 وصوّرها على أنها معركة بوجه عودة بشار الأسد والسوريين لحكم لبنان، وفي 2009 بنى المواجهة تحت عنوان إسقاط السابع من أيار انتخابيًا، ثم في 2018 و2022 رفع الصوت عاليًا لمنع سقوط المختارة بيد حزب الله الذي يحاصرها، على حدّ اعتباره.


نجح جنبلاط في الامتحانات السابقة، لكن القدر أراحه وأقلقه هذه المرة في آن واحد. فالفرح بسقوط نظام بشار الأسد وتقلّص قدرة حزب الله إلى أدنى مستوياتها، سيسببان قلقًا له يوم الانتخابات. فليس من المنطقي بناء معركة تقوم على التحذير من شخص يتخفّى اليوم في موسكو، أو من حزب يمرّ بأصعب مراحله منذ تأسيسه بعد الحرب الشاملة التي شنّتها إسرائيل ضده. كما أنه لم يعد ممكنًا تصوير “إسرائيل والصهيونية العالمية” كخصوم يريدون إلغاءه، إذ إن أحدًا من جمهوره لن يصدّق هذه النظرية. كذلك، لم يعد ممكنًا اتخاذ أحمد الشرع، الرئيس السوري، كفزّاعة، بعد أن اصطحب وفدًا قياديًا ودينيًا للقائه في دمشق، وخاطبه قائلًا: “سيدي القائد”، وانحاز إليه حتى على حساب دروز السويداء في معركة تموز، حيث ساوى بينهم وبين القوات التي هاجمتهم.


وسط هذه الظروف الملبّدة، ولأن فلسفته الانتخابية تقوم على فكرة خلق خصوم للتخويف منهم، يبدو أن جنبلاط لم يجد سوى خصم درزي هذه المرة، هو الشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل. وعلى هذا المنوال، بدأ “البيك” بنسج خيوط الهجوم منذ بداية العام الحالي، متهمًا الشيخ طريف بأنه يشكّل رأس مشروع إسرائيلي.


غير أن الحسابات الانتخابية لرئيس التقدمي السابق قد لا تتطابق مع حسابات بيدر المحازبين. فتاريخيًا، كانت العلاقة بين آل طريف وآل جنبلاط جيدة، وجنبلاط نفسه قال منذ فترة ليست ببعيدة، ردًا على سؤال حول عدم استقباله أحد مشايخ الدروز في إسرائيل، إنه لا يمكنه نسيان أفضال آل طريف على المختارة وعلى الدروز. كما أن الرئيس الروحي للدروز في إسرائيل منشغل بما يحدث في السويداء، ويجول العالم لهذا الغرض.


يدرك جنبلاط فعليًا أن الشيخ طريف ليس مادة يمكن الحشد ضدها على الصعيد الدرزي، لكنه يلعب هذه الورقة من باب المحاولة. فهاجسه الأساسي يتمثّل في نظريتين تشكّلان عامل جذب للدروز: أولاهما “طبق النحاس”، وثانيتهما “معمودية الدم”.


يوصف الدروز بأنهم كطبق النحاس، أينما يُضرب يتردّد صداه بالكامل، في إشارة إلى تضامنهم مع بعضهم في جميع الأنحاء عند الخطر، وقد جاءت أحداث السويداء لتؤكّد إلى حدّ كبير هذه النظرية. أما “معمودية الدم”، فهي الطريق المؤدي إلى الزعامة في نهاية المطاف. فكمال جنبلاط، عبر ثورة 1958، صنع معمودية دم مكّنته من تقاسم الزعامة الدرزية إلى جانب مجيد أرسلان، فيما نجح وليد جنبلاط خلال الحرب اللبنانية في صناعة معمودية دم منحته زعامة الأغلبية الدرزية.


واليوم، ومع سخونة ملف السويداء، تتجه أنظار الدروز نحو الشيخ حكمت الهجري بوصفه قائد معمودية الدم الحالية، بعدما تمكن من منع جيش أحمد الشرع من السيطرة على السويداء في ذروة الزخم والدعم العربي والدولي الذي حظي به الرئيس السوري. وبالتالي، فإن أي نتيجة تنتهي لصالح الهجري ستنعكس مباشرة على دروز لبنان، الذين قد يرون فيه القائد الذي وقف بوجه الرئيس الذي أسقط آل الأسد عن كرسي الحكم بعد ستين عامًا.


إن الخصومة التي تجمع جنبلاط برؤساء الطائفة في إسرائيل وسوريا، وغياب التناغم والتواصل مع المرجعيات الدينية الكبرى في لبنان، فضلًا عن نتائج قوى المجتمع المدني داخل الطائفة الدرزية في الانتخابات الماضية، وأرقام خصومه، إلى جانب الإشكالات الداخلية في صفوف حزبه والصراعات على وراثة المقاعد النيابية التاريخية، كلها عوامل قد تجعل “بيضة القبان” ترفع سقف المواجهة داخل البيت الدرزي أكثر فأكثر كلما اقترب موعد الانتخابات النيابية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة