شدّد الرئيس السابق نجيب ميقاتي على أهمية السعي إلى تحقيق الاستقرار الأمني في لبنان، إلى جانب الإصلاح في مؤسسات الدولة وتعزيز استقلالية القضاء، معتبرًا أن هذه العناوين تشكّل المدخل الأساسي لعودة الطاقات البشرية اللبنانية إلى بلدها والمشاركة في عملية النهوض.
وأكد ميقاتي أن لبنان يزخر بطاقات كبيرة، ولا سيّما في محافظة الشمال ومدينة طرابلس، مشددًا على ضرورة إعادة النظر في السياسة الضريبية، ولا سيما خفض الضرائب تدريجيًا عن المناطق البعيدة عن العاصمة، بهدف توفير حوافز ضريبية للمناطق التي تعاني ركودًا اقتصاديًا مقارنة ببيروت.
كلام ميقاتي جاء خلال لقاء حواري بعنوان "الاقتصاد والابتكار: رؤية وزارة الاقتصاد لمستقبل رواد الأعمال"، عُقد في "مركز العزم الثقافي – بيت الفن" في طرابلس، بحضور وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط.
وفي مستهل كلمته، رحّب ميقاتي بالحضور، منوّهًا بمشاركة وزير الاقتصاد، ومشيرًا إلى أن طرابلس تختزن طاقات بشرية واقتصادية كبيرة، كما لفت إلى أهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه المنطقة الاقتصادية الحرة ومعرض رشيد كرامي الدولي في تحفيز التنمية شمالًا.
وأوضح أن تأمين المناخ المناسب لعودة اللبنانيين يبدأ بالاستقرار الأمني والإصلاح في مؤسسات الدولة، وفي طليعتها استقلالية القضاء، معتبرًا أن اللبنانيين قادرون على الاتكال على أنفسهم وجذب الاستثمارات متى توفّرت هذه الشروط. كما شدّد على أهمية حسن اختيار موظفي القطاع العام باعتبارهم العمود الفقري لمؤسسات الدولة، داعيًا إلى تحسين الإدارة العامة والحد من البيروقراطية لبناء دولة فاعلة.
من جهته، أكد وزير الاقتصاد عامر البساط أن توفير أرضية صالحة للاقتصاد يمرّ عبر تأمين الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وبنية تحتية ومطار مناسب، إضافة إلى تحقيق الاستقرار والأمن، مشددًا على أن هذه العوامل تشكّل الأساس لعودة الطاقات الشابة المهاجرة ووقف نزيف الهجرة.
ولفت البساط إلى ضرورة الاستفادة من القوانين القائمة وتفعيل المرافق الاقتصادية في طرابلس، ولا سيّما المنطقة الاقتصادية الخاصة ومعرض رشيد كرامي الدولي، إضافة إلى العمل على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لاستكمال الإجراءات المرتبطة بمطار القليعات – مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض.
ودعا إلى اعتماد حوافز ذكية ومرنة بعيدة عن الحلول الشكلية، مع التركيز على الأولويات القطاعية، ولا سيّما في مجالات التكنولوجيا والقطاعات الإبداعية التي تشكّل فرصة أساسية للشباب. كما أشار إلى أهمية التخطيط الاقتصادي طويل الأمد، وضرورة أن تلعب وزارة الاقتصاد دورًا محوريًا في رسم رؤية مستقبلية للاقتصاد اللبناني بإشراف رئاسة مجلس الوزراء.
وفي ردّه على سؤال، أكد البساط أن الحلول المنشودة لا يمكن أن ينجزها القطاع العام وحده، نظرًا لمحدودية إمكاناته، داعيًا إلى وضع القطاع الخاص في الواجهة بعد توفير البيئة القانونية الواضحة ومكافحة الفساد، معتبرًا أن القطاع الخاص أكثر مرونة وقدرة على تحريك عجلة النمو.