تواصل الأوساط السياسية والعسكرية في إسرائيل الإيحاء بأن الحرب ضد حزب الله تقترب وأنّها باتت مسألة وقت، في حين أشار موقع "واللا" الإسرائيلي إلى خمسة أسباب تدفع إسرائيل إلى التريّث وعدم التسرّع في اتخاذ خطوات عسكرية.
وبحسب الموقع، نُقلت عن مصادر سياسية وعسكرية إسرائيلية تقديرات تفيد بأن استئناف الحرب ضد حزب الله يُعدّ حتميًا وقد يحدث قريبًا. وتستند هذه التقديرات، وفق الرواية الإسرائيلية، إلى ما تعتبره إسرائيل نجاحًا لحزب الله في إعادة التسلّح وبناء قدراته العسكرية التي تضرّرت بشكل كبير قبل نحو عام، في مقابل فشل الحكومة اللبنانية في نزع سلاحه. كما ترى هذه المصادر أنّ عدم التزام الحكومة اللبنانية بتعهّدها تحييد القوة العسكرية لحزب الله، ولا سيّما الأسلحة الثقيلة حتى مطلع عام 2026، يفرض على إسرائيل تحقيق هذا الهدف بالقوة.
ويعزو الموقع هذا النهج الهجومي أيضًا إلى ما تعتبره إسرائيل أحد الدروس الأساسية المستخلصة من أحداث 7 تشرين الأول، والمتمثّل في عدم السماح لمنظمات تصنّفها "إرهابية"، مثل حماس أو حزب الله، بإعادة بناء قدراتها العسكرية، ووجوب تدمير هذه القدرات قبل أن تصبح كبيرة ومهدِّدة.
في المقابل، عرض موقع "واللا" خمسة أسباب تمنع إسرائيل، وفق تقديره، من الإقدام على خطوات عسكرية متسرّعة. أول هذه الأسباب أنّ المنطقة الحدودية تشهد حالة من الهدوء، إذ لا يكتفي حزب الله بضبط النفس حيال وجود خمسة مواقع إسرائيلية داخل لبنان، بل لا يردّ أيضًا على الضربات الإسرائيلية اليومية. وحتى عملية اغتيال ما وصفه الموقع بـ"رئيس أركان حزب الله" قبل نحو أسبوعين لم يقابلها أي ردّ من الحزب.
السبب الثاني، بحسب الموقع، يتمثّل في ما يعتبره "مصلحة لبنان" في تحييد حزب الله. فرغم بطء تفكيك قدراته، وطابع التأنّي الذي تتّسم به إجراءات الجيش اللبناني، إلا أنّ التوجّه العام يُعدّ إيجابيًا. ويشير الموقع إلى أنّ إسرائيل نفسها، رغم قدراتها، لا تنجح في جمع كل السلاح غير القانوني داخل أراضيها، ولا سيّما في الوسط العربي والبدوي، ما يجعل هذه المهمة معقّدة وتتطلّب سنوات طويلة من الحكومة اللبنانية وجيشها.
أما السبب الثالث، فيتعلّق بالحزم الأميركي، إذ يرى الموقع أنّ من مصلحة إسرائيل تجنّب احتكاكات غير ضرورية مع الولايات المتحدة، التي تبدو مصمّمة على منح الحكومة اللبنانية فرصة. ويحذّر من أنّ شنّ حرب على حزب الله في ظل هدوء الحدود قد يخلق توتّرًا غير مبرّر مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
السبب الرابع، وفق "واللا"، هو أنّ التصريحات القائلة إن إسرائيل ستفكّك حزب الله بالقوة في حال لم تفعل الحكومة اللبنانية ذلك، لا تستند إلى أساس واقعي. فإسرائيل قادرة على توجيه ضربات لأصول مهمّة للحزب كما حصل عام 2024، لكن ذلك لن يؤدّي إلى انهياره. كما أنّ اندلاع حرب جديدة سيؤدّي مجددًا إلى دمار واسع في لبنان، وقد يعزّز مكانة حزب الله إذا اعتقد الرأي العام اللبناني أنّ العدوان الإسرائيلي غير مبرّر.
ويتمثّل السبب الخامس في ما يصفه الموقع بأنّ غالبية اللبنانيين لا يدعمون حزب الله، إذ إنّ معظم اللبنانيين، بمن فيهم جزء من الطائفة الشيعية، يؤيّدون جهود الحكومة لتحويل لبنان إلى دولة طبيعية لا تمتلك فيها القدرات العسكرية سوى الجهات الرسمية. كما يشير الموقع إلى أنّ شريحة واسعة من اللبنانيين ترغب في التوصّل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل وإقامة علاقات اقتصادية بين البلدين.
في هذا السياق، قال رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، اليوم الأربعاء، خلال لقاءات سياسية ونيابية ونقابية، إنّ لبنان يعمل عبر التفاوض على تثبيت الأمن والاستقرار في جنوب البلاد في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، مؤكدًا أنّ هذا التفاوض لا يعني استسلامًا. وأضاف: "نحن نعتمد على المواقف التي يتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب واهتمامه بموضوع السلام، ونعمل ما علينا في هذا الاتجاه".
وشدّد عون على ضرورة نقل الصورة الحقيقية عن لبنان إلى الخارج، معتبرًا أنّ بعض اللبنانيين يسيئون إلى صورة بلدهم، وقال: "لبنان يُعاد بناؤه ويعود إلى الانتعاش من جديد، ولا يمكنه الذهاب إلى الحرب". وأكّد أنّه، بصفته رئيسًا للجمهورية، سيسلك أي طريق يؤدّي إلى مصلحة لبنان، مشددًا على أنّ الهدف هو إبعاد شبح الحرب، وإعادة الإعمار، وتثبيت الناس في أرضهم، وإنعاش الاقتصاد وتطوير الدولة.
في المقابل، كان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قد قال في كلمة سابقة إنّ هناك من لا يريد قوة للجيش اللبناني، بل يسعى إلى لبنان بلا قوى، بما يسهّل فرض الحلول. وأضاف أنّ الدولة مطالبة بوقف التنازلات، معتبرًا أنّ المفاوضات مسار مستقل، ما يعني استمرار العدوان. وطالب الدولة بإعادة حساباتها، داعيًا إلى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار أولًا، ثم مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، وقال: "لا تطلبوا منا ألا ندافع عن أنفسنا فيما الدولة عاجزة عن حماية مواطنيها".
ويأتي ذلك فيما تتواصل الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في تشرين الثاني 2024، والتي أسفرت عن سقوط مئات الشهداء والجرحى في لبنان، في وقت يؤكد حزب الله التزامه الكامل بالاتفاق، مطالبًا الدولة بالضغط على الجهات الضامنة والمجتمع الدولي لردع إسرائيل.