توجّه رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام إلى اللبنانيين في كلمة متلفزة من السراي الحكومي، تناول فيها مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع، وذلك بحضور وزير المالية ياسين جابر، ووزير الاقتصاد عامر البساط، وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد.
وأكد سلام في مستهل كلمته أن الحكومة تعهدت في بيانها الوزاري بإنصاف المودعين والسير في طريق الإصلاح الاقتصادي والمالي، مشددًا على أن هذا الالتزام يُجدَّد اليوم بالفعل لا بالوعود. وأوضح أنه بعد إقرار قانوني رفع السرّية المصرفية وإصلاح المصارف، أنجزت الحكومة مسودة مشروع قانون لمعالجة الانتظام المالي واسترداد الودائع، وقد جرى إرسالها إلى الوزراء لدراستها، تمهيدًا لبدء مناقشتها في مجلس الوزراء يوم الاثنين المقبل، على أمل إقرارها من دون تأخير.

وتوجّه سلام إلى اللبنانيين قائلًا: "أعرف أن كثيرين منكم يستمعون اليوم وقلوبهم مليئة بالغضب… غضب من دولة تركتكم وحدكم، ومن نظام لم يحافظ على أموالكم، ومن وعود لم تُنفّذ، ومن كلام لم يكن يشبه الحقيقة. أسمعكم جيدًا". وأضاف: "لن نقدّم مسكّنًا مؤقتًا لأزمة دامت سنوات، فعلاج هذه الأزمة يحتاج إلى صدق ووضوح واستعداد لتحمّل المسؤولية".
وشدد رئيس الحكومة على أن البلاد تدخل اليوم مرحلة جديدة أساسها الشفافية، هدفها العدالة، وأداتها قانون منصف وقابل للتنفيذ، مؤكدًا أن هذا المشروع لا يأتي كإجراء تقني معزول، بل يمثّل تحوّلًا جذريًا في المقاربة، من التهرّب من المسؤولية إلى تحمّلها، ومن إنكار الخسائر وتركها تصيب الفئات الأكثر ضعفًا، إلى الاعتراف بها والتعامل معها ضمن مسار واقعي وقابل للتنفيذ.

وأشار سلام إلى أنه بعد 6 سنوات من الشلل والتآكل الصامت للودائع والتخبّط في إدارة الأزمة المالية وتدمير الطبقة الوسطى، تتقدّم الحكومة اليوم بأول إطار قانوني متكامل لاسترداد الودائع ومعالجة الفجوة المالية بطريقة منهجية ومنصفة، ضمن الإمكانيات المتاحة، معتبرًا أن "هذه المرّة، أنتم لستم وحدكم".
ويأتي هذا الخطاب في سياق مسار إصلاحي أعلنت الحكومة التزامها به منذ نيلها الثقة، وبدأت ترجمته بإقرار قانون رفع السرّية المصرفية، وإطلاق مسار إصلاح القطاع المصرفي، في محاولة لوضع أسس قانونية واضحة لمعالجة الانهيار المالي الذي أصاب لبنان منذ العام 2019.

ويُعد مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع حجر الأساس لأي خطة تعافٍ شاملة، في ظل ضغوط داخلية وخارجية متزايدة لإقرار تشريعات تعيد الثقة بالنظامين المالي والمصرفي، وتحمي حقوق المودعين، وتضع حدًا للفوضى التي رافقت إدارة الأزمة طوال السنوات الماضية.