عقد السناتور الجمهوري الأميركي ليندسي غراهام اجتماعًا رفيع المستوى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب، وذلك قبيل الزيارة المرتقبة لنتنياهو إلى ولاية فلوريدا للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك، حذّر غراهام من تطورات أمنية اعتبرها مقلقة، مؤكدًا أن حركة حماس تعيد بناء قدراتها العسكرية في قطاع غزة، فيما يواصل حزب الله، على حد قوله، تعزيز ترسانته العسكرية في لبنان، معتبرًا أن هذه الوقائع تشكّل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة.
وقال غراهام إن "حماس لا تزال تشكّل خطرًا داهمًا، فهي لا تنزع سلاحها بل تعيد تسليح نفسها وتحاول التمسك بالسلطة في غزة"، مضيفًا أن "حزب الله في الشمال يواصل جهوده لتصنيع أسلحة أكثر فتكًا، وهذا وضع غير مقبول"، في إشارة إلى ما تعتبره واشنطن وتل أبيب تحديات أمنية مستمرة على أكثر من جبهة.
وفي ما يتعلّق برؤيته للمرحلة المقبلة، أوضح غراهام أن هدفه السياسي يتمثل في أن يكون عام 2026 "عام السلام والقضاء على الأشرار"، في تعبير يعكس مقاربة أمنية صارمة يروّج لها داخل أوساط الحزب الجمهوري حيال قضايا الشرق الأوسط.
وتأتي هذه التصريحات في سياق مواقف متراكمة للسيناتور غراهام، المعروف بقربه من إسرائيل وبخطابه الصريح تجاه قيادتها. ففي تشرين الثاني 2025، وخلال مشاركته في مؤتمر الائتلاف اليهودي الجمهوري (RJC)، دعا إسرائيل علنًا إلى القبول بحل الدولتين باعتباره "ضرورة استراتيجية" للحفاظ على طابعها المستقبلي.
وقال غراهام آنذاك إن دعم إسرائيل "يعني الصراحة معها وقول الحقائق الصعبة"، معتبرًا أن المسار الوحيد الذي يضمن بقاء إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية هو إطار سياسي قائم على حل الدولتين، عندما تنضج الظروف الواقعية لذلك.
وحذّر من أن رفض هذا المسار سيقود إلى خيارات وصفها بالخطيرة، من بينها دولة واحدة تفقد فيها إسرائيل هويتها، أو واقع دائم يترك ملايين الفلسطينيين بلا حقوق، وهو ما قال إن المجتمع الدولي لن يقبل به.
وفي واحدة من أكثر عباراته إثارة للجدل، اعتبر غراهام أن المضي في سياسات الضم أو الاحتلال الدائم "سيلحق ضررًا بمستقبل إسرائيل يفوق الضرر الذي قد تسببه أي قنبلة نووية قد تبنيها إيران"، في مقارنة تعكس حجم القلق الذي يبديه حيال التداعيات الديموغرافية والسياسية طويلة الأمد.
وفي هذا الإطار، يجادل غراهام بأن توفير "أفق سياسي" للفلسطينيين يشكّل أداة أساسية في مواجهة التطرف، معتبرًا أن قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومعتدلة من شأنه أن يشكّل ضربة استراتيجية لحماس وإيران. غير أنه يربط هذا السيناريو بشرط أساسي، يتمثل في حسم المعركة عسكريًا ضد حماس، واستبدال قيادتها الحالية بقيادة لا تعتمد منطق العنف، وفق تعبيره.
وتعكس هذه المواقف مجتمعة الدور الذي يسعى غراهام إلى لعبه داخل النقاش الأميركي حول مستقبل الصراع، من موقع يجمع بين الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل، وبين الضغط عليها لاعتماد مقاربات سياسية يرى أنها ضرورية لتفادي أزمات أعمق في المستقبل، في ظل تحولات إقليمية ودولية متسارعة.