في خضمّ الجدل المتجدّد حول نشر ملفات التحقيق المرتبطة بقضية جيفري إبستين، عادت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتشعل النقاش السياسي والإعلامي، وسط تساؤلات تتجاوز الأسماء والصور إلى حدود المسؤولية الأخلاقية وتأثير التسريبات على الرأي العام.
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الإثنين، إن أشخاصًا "التقوا بشكل بريء" بجيفري إبستين في الماضي قد يتعرّضون لتشويه سمعتهم نتيجة نشر ملفات التحقيق المرتبطة بالقضية. وفي أول تعليق له منذ شروع وزارة العدل الأميركية، يوم الجمعة، في نشر هذه الملفات، قلّل ترامب من شأن الضجة المثارة حول إبستين، معتبرًا أنها تشكّل محاولة لصرف الانتباه عن إنجازات الحزب الجمهوري.
وفي تصريحات أدلى بها لصحافيين من منزله في مارالاغو، قال ترامب: "كل هذا الأمر المتعلق بإبستين هو محاولة لصرف الانتباه عن النجاح الهائل الذي حققه الحزب الجمهوري". وجاءت هذه المواقف عقب ظهور الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في الدفعة الأولى من الصور التي نشرتها وزارة العدل ضمن ملفات إبستين، ما دفع الصحافيين إلى سؤال ترامب عن رأيه في ذلك.
وردّ ترامب قائلًا: "أنا أحب بيل كلينتون. لطالما كانت علاقتي جيدة معه. أكره رؤية نشر صور له". وأضاف: "هناك صور لي أيضًا. كان الجميع على علاقة ودّية مع هذا الرجل"، في إشارة إلى إبستين. واعتبر ترامب أن نشر صور لكلينتون ولآخرين "أمر فظيع"، لكنه أضاف أن "بيل كلينتون رجل ناضج وقادر على التعامل مع الأمر".
وتابع الرئيس الأميركي قائلًا إن صورًا قد تُنشر لأشخاص آخرين "التقوا جيفري إبستين بشكل بريء قبل سنوات عدّة"، موضحًا أن بينهم مصرفيين ومحامين وشخصيات تحظى باحترام واسع. وختم بالقول: "عدد كبير من الأشخاص غاضبون جدًا من نشر صور لأشخاص آخرين لم تكن لهم علاقة فعلية بإبستين، لكنهم ظهروا في صورة معه لأنه كان في حفلة ما، وبهذا الشكل يتم تدمير سمعة شخص ما".
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة العدل الأميركية أنها أعادت نشر صورة لترامب كانت قد أزيلت سابقًا من ذاكرة التخزين المؤقت للملفات التي نُشرت، بعدما تبيّن للمسؤولين أنه لا يوجد أي من ضحايا إبستين في الصورة. وقالت الوزارة في منشور على منصة "إكس"، يوم الأحد، إنه "بعد المراجعة، تقرر عدم وجود دليل على وجود أي ضحايا لإبستين في الصورة، فأعيد نشرها من دون أي تعديل أو تنقيح".
وكانت وزارة العدل قد أعلنت، يوم الجمعة، نشر آلاف الوثائق المتعلقة بإبستين، المدان بالاعتداء الجنسي الذي توفي في العام 2019. غير أن هذه الخطوة قوبلت بانتقادات واسعة، بما في ذلك من داخل الحزب الجمهوري، على خلفية التنقيحات المكثفة وقلة الوثائق التي تشير إلى ترامب، رغم الصداقة المعروفة التي ربطته بإبستين في مراحل سابقة. وأكد ترامب أنه قطع علاقته بإبستين قبل سنوات من توقيفه في العام 2019، مشددًا على أنه لم يُتهم بارتكاب أي مخالفات في هذه القضية.
وتُعدّ قضية جيفري إبستين واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، نظرًا لتشابكها مع أسماء نافذة في السياسة والمال والمجتمع.
وقد تجاوزت تداعياتها البعد القضائي لتتحوّل إلى ملف سياسي وأخلاقي مفتوح، يُستخدم في الصراعات الداخلية ويثير نقاشًا واسعًا حول حدود الشفافية، وحق الجمهور في المعرفة، وخطورة التسريبات غير المكتملة على السمعة العامة والثقة بالمؤسسات.