اقليمي ودولي

الجزيرة
الخميس 25 كانون الأول 2025 - 10:43 الجزيرة
الجزيرة

"الغموض النووي" بعد حرب الـ12 يومًا… لماذا لم تُحسم المواجهة؟

"الغموض النووي" بعد حرب الـ12 يومًا… لماذا لم تُحسم المواجهة؟

رجّحت الخبيرة في الشأن الإيراني الدكتورة فاطمة الصمادي، الباحثة الأولى في مركز الجزيرة للدراسات، تجدّد الاشتباكات أو اندلاع مواجهة عسكرية جديدة بين إيران وإسرائيل، مؤكدة أن سيناريو الحرب لا يزال قائمًا وبنسبة كبيرة، في ظل فشل الهجمات السابقة في تحقيق أهدافها الإستراتيجية، وفي مقدّمها إنهاء البرنامج النووي الإيراني.


وخلال مشاركتها في برنامج "المسائية" على "الجزيرة مباشر"، شددت الصمادي على أن المواجهة بين إيران وإسرائيل "قادمة لا محالة" ما لم يحدث تغيير جذري في البنية السياسية أو الإستراتيجية لأي من الطرفين، مشيرة إلى أن تداعيات الصراع باتت تمتد إلى دول إقليمية أخرى، من بينها تركيا، التي بدأت تتعامل مع التهديد الإسرائيلي باعتباره مسألة أمن قومي، في دلالة على اتساع دائرة التوتر في المنطقة.


وأوضحت الصمادي أن الضربات التي استهدفت إيران لم تنهِ برنامجها النووي، معتبرة أن طهران دخلت بعد حرب "الاثني عشر يوما" مرحلة ما وصفته بـ"الغموض النووي"، حيث لا تتوافر معلومات دقيقة حول حجم مخزون اليورانيوم الإيراني أو مستوى الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية. وأضافت أن تقارير غربية وأميركية، وحتى إسرائيلية، شككت في الروايات التي تحدثت عن تحقيق نتائج حاسمة ضد البرنامج النووي الإيراني.


ولفتت إلى أن طريقة انتهاء المواجهة السابقة تحمل دلالات مهمة، مشيرة إلى تقارير إسرائيلية تحدثت عن دمار واسع داخل إسرائيل، وأن تل أبيب هي من طلبت وقف الحرب بعد استخدام إيران صواريخ ذات قدرة تدميرية عالية في الأيام الأخيرة من المواجهة، ما يعكس – بحسب قولها – عجز إسرائيل عن تحمّل كلفة الاستمرار في الحرب.


وفي ردّها على تساؤلات بشأن احتمال تضخيم إسرائيل لقدرات إيران النووية والصاروخية، رأت الصمادي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتمد في بقائه السياسي على منطق الصراع والحرب، وقد يسعى إلى فتح جبهة جديدة بعد تعثّر حرب غزة. غير أنها أشارت إلى أن الواقع العسكري يُظهر أن البرنامج الصاروخي الإيراني لم يتضرر بالشكل الذي لحق بالبرنامج النووي، بل إن إيران أعادت بسرعة ترميم خطوط الإنتاج ووسّعت مخزونها الصاروخي مقارنة بما كان عليه قبل الحرب.


وأضافت الصمادي أنها زارت إيران مؤخرًا، واطّلعت ميدانيًا على بعض المواقع التي تعرضت لهجمات، مؤكدة أن أعمال الترميم كانت واسعة وسريعة إلى حدّ يصعب معه رصد آثار الدمار، مشيرة إلى أن طهران باتت أكثر استعدادًا لتحمّل ضربة جديدة، لكنها ستردّ هذه المرة بشكل "أكثر إيلامًا".


وفي ما يتصل بالتحول في الإستراتيجية الإيرانية، أوضحت الصمادي أن المواجهة الأخيرة أنهت مرحلة "حرب الظل" بين إيران وإسرائيل، ونقلت الصراع إلى مستوى المواجهة المباشرة، رغم ما كشفته الحرب من خروقات أمنية كبيرة داخل إيران، بعضها تقني، فيما يرتبط جزء كبير منها بالعامل البشري، وهو ما دفع طهران إلى تنفيذ محاكمات وإعدامات بحق متهمين بالتجسس لصالح إسرائيل.


ورأت الصمادي أن المواجهة الأخيرة كانت مفيدة لإيران من زاوية اختبار قدراتها ونقاط ضعفها، ولا سيما على صعيد الصواريخ والمسيّرات التي استُخدمت للمرة الأولى في معركة واقعية ضد دولة متقدمة عسكريًا، الأمر الذي أعاد البرنامج الصاروخي الإيراني إلى صدارة الاهتمام والضغط الغربي، مع محاولات إدخاله ضمن أي مسار تفاوضي مستقبلي.



وفي ما يخص اتساع رقعة الصراع، حذّرت الصمادي من أن أي مواجهة جديدة لن تبقى محصورة بين إيران وإسرائيل، مؤكدة أن حلفاء طهران في المنطقة، رغم ما تعرضوا له من ضربات، لم يخرجوا من المعادلة، وأن قدرتهم على التأثير لا تزال قائمة، وإن اختلفت أشكال ومستويات المشاركة.


وعلى الصعيد الداخلي الإيراني، أشارت الصمادي إلى وجود نقاش وجدال واسع حول إدارة الصراع، بين تيارات ترى ضرورة ربط المواجهة بالمصلحة الإيرانية وحجم الضرر، وأخرى تعتبر المعركة مع إسرائيل "وجودية" ولا تقبل التراجع عنها، محذّرة من أن التخلي عن هذه المقاربة يمسّ أحد الأسس الأيديولوجية للجمهورية الإسلامية.


وأكدت الصمادي في ختام حديثها أن الحرب الأخيرة أحدثت تحولًا في المزاج الشعبي الإيراني، حيث تراجعت الأصوات الرافضة للانخراط في الصراع مع إسرائيل، مقابل تصاعد المشاعر القومية التي رأت في المواجهة دفاعًا عن إيران نفسها، وليس فقط عن حلفائها أو عن القضية الفلسطينية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة