المحلية

ليبانون ديبايت
الخميس 25 كانون الأول 2025 - 17:01 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

محاولة رسمية لشيطنة المقاومة... الصدام بين الجيش والحزب واردة في شمال الليطاني؟

محاولة رسمية لشيطنة المقاومة... الصدام بين الجيش والحزب واردة في شمال الليطاني؟

"ليبانون ديبايت"


في ظل تصاعد الخطاب السياسي حول ملف السلاح وحدود تطبيق القرار 1701، يبرز حديث متزايد من الرئاسة الأولى عن مرحلة جديدة تتجاوز جنوب الليطاني إلى شماله. وفي قراءة لهذا المسار، يقدّم الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم بيرم مقاربة تحليلية يعتبر فيها أن ما يجري هو انتقال منظّم من مرحلة إلى أخرى، تحت ضغط خارجي واضح، وبما يضع البلاد أمام اختبار سياسي وأمني بالغ الحساسية.

ويرى بيرم أن ما تشهده الرئاسة الأولى حاليًا هو ما يمكن وصفه بـ"موسم الكلام"، في إطار مرحلة جديدة تتلخص بتبرير وتهيئة الأرضية للحديث عن شمال الليطاني. فبعد انتهاء مرحلة جنوب الليطاني، التي جرى التعامل معها كـ"إنجاز" كبير، بات هذا الإنجاز، من وجهة نظر الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، غير كافٍ، ويُفترض استكماله شمالًا، ما يفسّر بدء التداول بهذه المرحلة الجديدة.


ويشير بيرم إلى أن أفكارًا عديدة تُطرح في هذا السياق، تبدأ من المنطقة الاقتصادية، مرورًا بالأمنية، وصولًا إلى إقامة حزام أمني يمتد حتى نهر الأولي، بما يؤدي إلى وضع الجنوب بأكمله تحت نوع من السيطرة الإسرائيلية غير المباشرة. وفي هذا الإطار، لا يستبعد أن يصبح الدخول إلى الجنوب خاضعًا لتصاريح، على غرار ما يجري العمل عليه في غزة، في محاولة لتكريس واقع مشابه.


ويضيف أن الرئاستين الأولى والثالثة قدّمتا تعهدات تسعيان إلى الالتزام بها وتنفيذها، إلا أن آلية التنفيذ ستضعهما حتمًا في مواجهة حزب الله، وبالتالي في مواجهة بيئته التي تبدو متحفّزة لأي صدام، خصوصًا أنها خاضت تجربة مماثلة بين 5 آب ، عند طرح مسألة حصرية السلاح، قبل أن يتم التراجع عنها في 5 أيلول.


ومن هذا المنطلق، يلاحظ بيرم أن الرئاسة الأولى كثّفت حضورها الإعلامي، بحيث لا يمر يوم من دون تصريح لرئيس الجمهورية. إلا أن التصريحات الأخيرة، الصادرة من بكركي ولمناسبة عيد الميلاد، تكتسب بعدًا أعمق، نظرًا لما توفره من غطاء ديني مسيحي، وكأن البطريركية باتت شريكة في "اللعبة السياسية"، مستذكرًا في هذا الإطار، مواقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي حول حصرية السلاح والسيادة.


ويشير بيرم إلى أن رئيس الحكومة نواف سلام خفّف من وتيرة الحديث عن ملف السلاح، وترك هذا العبء على عاتق الرئاسة الأولى التي بدأت تتصدّى لهذا الملف بشكل مباشر، معتبرًا أن هذه هي مهمتها الأساسية. ففي البداية، حاولت الرئاسة التخفيف من حدّة الطروحات، إلا أن عمليات الاغتيال اليومية في الجنوب منحتها، بحسب بيرم، ذريعة أقوى للاستمرار في مسار حصر السلاح، وصولًا إلى مرحلة "يأتي حين من الدهر"، يتم فيها تجريد المنطقة حتى نهر الأولي كأمر واقع، على غرار ما حصل جنوب الليطاني.


غير أن بيرم يرى أن الفارق هنا جوهري، فجنوب الليطاني شهد التزامًا من حزب الله بالاتفاق، وانسحب منه عسكريًا، ولو بالشكل الظاهر. أما شمال الليطاني، فيُعد ساحة الاختبار الحقيقية والمكلفة للحزب.


ولكن هل يعني خلو جنوب الليطاني من السلاح نهاية المقاومة ضد إسرائيل في المراحل المقبلة؟ يجيب بيرم بأن المسألة تتجاوز مسألة السلاح بحد ذاتها، إذ إن المقصود هو سحب أي دور مستقبلي للمقاومة، ويؤكد أن الحزب يعتبر نزع السلاح هو عمليًا وأد لفكرة المقاومة وإنهاء لشرعيتها، ويذكّر بأن عودة الحزب إلى جنوب الليطاني تبقى واردة في أي لحظة إذا اقتضت الظروف، كما حصل بعد عام 2006، حين انسحب بموجب القرار 1701، ثم عاد بأشكال متعددة.


ويلفت بيرم إلى أن الجميع يدرك أن نزع السلاح بالقوة غير ممكن، إلا أن الهدف الفعلي بات شيطنة عمل المقاومة، بحيث تُصبح أي محاولة مقاومة لاحقًا موضع ملاحقة من الدولة، في استنساخ لتجربة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وهذه النقطة تحديدًا، برأيه، تشكّل مصدر القلق الأساسي لدى حزب الله، لأن المسألة لم تعد تتعلق بالسلاح فقط، بل بشرعية المقاومة ودورها، وهو ما تسعى إليه الرئاستان الأولى والثالثة في المرحلة الحالية.


ويذكّر بيرم بأن الرئاسة الأولى اضطرت، بين 5 آب و5 أيلول، إلى تأجيل هذا الملف تحت ضغط الشارع، إلا أن الظروف اليوم تغيّرت، ومع تصاعد الضغط الغربي والمواعيد المرتبطة بنهاية العام، لم يعد هناك هامش للمناورة أو التأجيل، وبات الرئيس مطالبًا بتقديم إجابة واضحة.


وفي هذا السياق، يتوقع بيرم أن يُحيل رئيس الجمهورية الملف إلى الجيش، عبر تكليف المؤسسة العسكرية بتنفيذ ما يُطلب، لتصبح الكلمة الفصل لها، لكنه يطرح في المقابل تساؤلًا محوريًا، إلى أي مدى يستطيع الرئيس الالتزام بتعهده الضمني لحزب الله بعدم السماح بصدام بين الجيش والمقاومة، في ظل الضغوط الداخلية المتزايدة والضغط الخارجي المتصاعد؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة