المحلية

باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت
الجمعة 26 كانون الأول 2025 - 07:02 ليبانون ديبايت
باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت

2025 عام الهجرة الكبرى من لبنان: ما الذي يدفع اللبنانيين إلى الرحيل؟

2025 عام الهجرة الكبرى من لبنان: ما الذي يدفع اللبنانيين إلى الرحيل؟

"ليبانون ديبايت"- باسمة عطوي


لا تخلُ خطابات السياسيين اللبنانيين من الإشادة بالنشاط المالي والسياحي الذي يخلقه المغتربون اللبنانيون عند زيارتهم للبنان خلال فصل الصيف وفي الأعياد، لكن يغيب عن بال هؤلاء الساسة أن نسبة المغتربين – المهاجرين من لبنان ازدادت منذ الانهيار الاقتصادي في العام 2019، مرورًا بانفجار مرفأ بيروت، وصولًا إلى الحرب الإسرائيلية الأخيرة، بسبب أدائهم السيئ وتسويفهم في حل الأزمة المالية، وتحويل لبنان إلى مرتع لتلبية مصالحهم الخاصة، بالإضافة إلى تأثير الصراعات الإقليمية على لبنان، ولا سيما العدوان الإسرائيلي المتكرر عليه. فما هي الحصيلة؟


هجرة مستمرة ونزيف للكفاءات على مدى السنوات الماضية. فعلى سبيل المثال، بلغ عدد اللبنانيين الذين سافروا ولم يعودوا بين أيلول 2024 وكانون الأول 2025، 220 ألفًا و279 لبنانيًا، بحسب تقرير قامت به المنظمة الدولية للهجرة صدر مؤخرًا، لتتبع نتائج الحرب الإسرائيلية على لبنان. وجمعت المنظمة البيانات المتعلقة بالتحركات عبر الحدود اللبنانية، بالتعاون مع لجنة مراقبة الحدود، والمديرية العامة للأمن العام، وفوج الحدود البرية. وتبيّن أنه منذ 24 أيلول/سبتمبر 2024 حتى 12 كانون الأول/ديسمبر 2024، دخل إلى لبنان من جميع المعابر نحو مليونين و630 ألفًا و344 لبنانيًا، في حين خرج منه في الفترة نفسها نحو مليونين و850 ألفًا و623 لبنانيًا، أي أن نحو 220 ألفًا و279 لبنانيًا سافروا من لبنان في هذه الفترة ولم يعودوا.


قد لا تعكس هذه الأرقام تدفقات هجرة اللبنانيين بشكل دقيق، لكنها تعبّر بوضوح عن ارتفاع موجة الهجرة مقارنة بالفترة التي سبقت الحرب.


وبحسب أرقام الدولية للمعلومات، بلغت حركة الهجرة من لبنان حدود الـ826 ألف لبناني بين عامي 2012 و2024، منهم 200 ألف عام 2024 في رقم غير نهائي. صحيح أن حركة الهجرة هذه قد حصلت في حقبات عدة وبدرجات متفاوتة، إلا أنها بلغت الذروة عام 2019 مع بداية الأزمة، فغادر آنذاك ما لا يقل عن 67 ألف لبناني بسبب الانهيار الحاصل. كذلك، في الأعوام الثلاثة التي تلت، غادر البلاد أكثر من 195 ألف شخص. وأتى انفجار مرفأ بيروت (في الرابع من آب 2020) ليرفع أرقام المهاجرين من لبنان بصورة ملحوظة، وصولًا إلى الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي دفعت كثيرين إلى المغادرة أيضًا لأسباب أمنية.


وأظهرت أرقام مطار “رفيق الحريري الدولي” أن مشهد الهجرة قد استُكمل خلال عام 2024، وتحديدًا مع بداية الاشتباكات في الجنوب ومع توسع الحرب. وعلى الرغم من أن انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية، وتكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة، إضافة إلى عناصر أخرى إيجابية، أسهمت في نشر أجواء متفائلة بين اللبنانيين المقيمين والمغتربين، إلا أن جرعة التفاؤل التي بثّتها هذه الأجواء في النفوس لم تشجّع المغتربين على الاستعداد للعودة إلى الوطن الذي غادروه مرغمين لأسباب مختلفة.


تداعيات اقتصادية لهجرة الأدمغة


لا شك أن الهجرة لطالما كانت جزءًا من تاريخ لبنان، لكن وتيرتها تصاعدت في السنوات الأخيرة، ولا سيما بين الشباب والمهنيين. وقد أدى هذا النزيف البشري، المعروف بـ”هجرة الأدمغة”، إلى تأثيرات سلبية، خاصة في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم، حيث يضعف رحيل الكفاءات مستوى ونوعية الخدمات الأساسية. لذلك من المفيد التذكير بالتداعيات الاقتصادية والاجتماعية للهجرة المستمرة للشباب اللبناني.


يجيب مصدر مطّلع “ليبانون ديبايت” على هذا السؤال بالقول: “إنه تحوّل ديموغرافي خطير يحدث بسرعة، بسبب تراجع حاد في معدلات المواليد وزيادة هجرة الشباب، مما يؤدي إلى تآكل القوة العاملة، وزيادة الضغط على الخدمات الاجتماعية والصحية، وتغيير جذري في التركيبة السكانية، وتداعيات اقتصادية وخيمة على مستقبل البلاد”.


ويضيف: “إن التغيرات الديموغرافية في لبنان (تراجع الخصوبة، ازدياد الهجرة، وشيخوخة السكان) لها تأثيرات اجتماعية واقتصادية عميقة، أبرزها اجتماعيًا تفكك الروابط الأسرية، إذ مع هجرة الشباب يقل الدعم العائلي لكبار السن، وتضعف الروابط الاجتماعية، ويتزايد الضغط على الرعاية الاجتماعية. كما أن ارتفاع نسبة المسنين يتطلب توسيع شبكات الرعاية والخدمات الاجتماعية والصحية. وهجرة العقول تعني خروج الكفاءات، خاصة في التعليم والطب، ما يؤثر سلبًا على جودة الخدمات ويُضعف المجتمع”.


ويرى المصدر أنه من الناحية الاقتصادية، “تعني شيخوخة المجتمع تراجعًا في القوى العاملة الشابة، لأن انخفاض عدد السكان في سن العمل يؤثر سلبًا على الإنتاجية والنمو. كما أن ارتفاع عدد المتقاعدين مقابل انخفاض المساهمين في الصناديق الاجتماعية يزيد الضغط على المالية العامة. ومع هجرة المهارات وانخفاض الاستهلاك الداخلي، يصبح النمو الاقتصادي أكثر هشاشة”.


ويختم: “تتطلب هذه التحولات سياسات فورية تشمل دعم العائلات، تشجيع بقاء الشباب، تطوير نظام تقاعدي مستدام، وربط الاقتصاد بالتحولات السكانية لتحقيق توازن بين الأجيال”.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة