في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي أحمد جابر في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أن الأعياد تُحدث حراكًا اقتصاديًا واضحًا في البلاد، لا سيما أن اللبناني اعتاد الاحتفال بالمناسبات الدينية وغير الدينية، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على القطاع السياحي.
ويلفت جابر إلى أن لبنان يشهد منذ مطلع هذا الشهر حركة سياحية ناشطة، مع توافد زائرين من دول عربية وخليجية، إلى جانب اللبنانيين المغتربين، ما أعاد الحيوية إلى عدد من القطاعات المرتبطة بالسياحة.
ويشير إلى نشاط لافت في حركة الملاحة الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي، حيث يسجّل هبوط نحو 40 طائرة يوميًا، وغالبية القادمين هم من المغتربين الذين يحرصون على قضاء الأعياد، ولا سيما عيدي الميلاد ورأس السنة، إلى جانب عائلاتهم في لبنان.
ويعتبر أن هذا المشهد يعكس عمق ارتباط اللبناني بأرضه وأهله، وهو ما يترجم بإنفاق سياحي كبير يُسهم في تحريك العجلة الاقتصادية والقطاع التجاري. ويؤكد أن هذه الحركة تمتد عادة من شهر إلى شهر ونصف، قبل أن تليها مناسبة جديدة تعيد تنشيط الدورة الاقتصادية.
ويضيف أن معظم مواسم لبنان تُعدّ مواسم سياحية، ما يستدعي منح هذا القطاع الاهتمام والدعم اللازمين، نظرًا لما يؤمّنه من مداخيل إضافية للدولة ولمختلف المؤسسات، سواء في القطاع المنظّم أو غير المنظّم.
كما يتوقف جابر عند أهمية هذه المناسبات في خلق فرص عمل، ولو كانت موسمية، معتبرًا أن تكرار المناسبات على مدار السنة، في الربيع والصيف والشتاء، يساهم في إبقاء عجلة الاقتصاد في حركة مستمرة.
ولا يرى جابر أي مانع في ابتكار مناسبات جديدة تُسهم في رفع مستوى النشاط التجاري، معتبرًا أن هذا الأمر بات ضرورة، خصوصًا بعد انهيار القطاع المصرفي الذي كان يشكّل إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني.
وفي معرض حديثه عن البدائل، يشير إلى أن دور المغتربين في دعم الاقتصاد تراجع نتيجة غياب الثقة بالقطاع المصرفي، ما أدى إلى انخفاض حاد في الاستثمارات والتحويلات المالية. ومن هذا المنطلق، يعتبر أن السياحة، إلى جانب المناسبات والأعياد، يمكن أن تشكّل بديلًا واقعيًا، شرط العمل على إنعاشها وتطويرها.
كما يدعو إلى تعزيز السياحة الدينية، لا سيما بعد تحوّل عدد من المواقع إلى مزارات قادرة على استقطاب الزوار، بما يخلق حركة تجارية إضافية في مختلف المناطق.
وعلى الرغم من التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، يؤكد جابر أن لبنان لا يزال يمتلك عناصر جذب سياحي متعددة، بدءًا من موقعه الجغرافي، مرورًا بطبيعته ومناخه، وصولًا إلى المطبخ اللبناني وثقافة الضيافة، وهي عوامل تتكامل لإعطاء نتائج إيجابية في هذا القطاع.