كشفت تقارير إعلامية تركية، نقلًا عن خبراء في شؤون الطيران، عن معطيات جديدة تتعلق بحادث تحطّم الطائرة التي كانت تقلّ وفدًا عسكريًا ليبيًا في تركيا، مرجّحة أن تكون الواقعة قد تجاوزت حدود العطل الفني التقليدي، في ظل مؤشرات على تعرّض النظام الكهربائي للطائرة لتعطّل كامل في لحظات حرجة سبقت سقوطها.
ونقلت قناة “سي إن إن ترك” عن خبير الطيران التركي مراد هيردم قوله إنّ الحادث قد يكون ناجمًا عن “وضع خطير” أدّى إلى انهيار الأنظمة الكهربائية للطائرة، وهو سيناريو قد ينتج عن اندلاع حريق داخلي أو عن احتمال وجود تدخّل خارجي، وذلك وفق تقييمه الفني الأوّلي.
وأوضح هيردم أنّ التسارع الكبير في تطوّر الحادث حال دون تمكّن الطيّار من إرسال نداء الاستغاثة القصوى “مايداي” (Mayday)، وهو أعلى نداء طوارئ معتمد في الطيران والملاحة، ما اضطرّه إلى الاكتفاء بإرسال إخطار “بان بان” (Pan Pan)، وهو نداء طوارئ أدنى مستوى يُستخدم عادة للإشارة إلى وضع غير طبيعي لكنه لا يزال قابلًا للسيطرة، مع طلب العودة أو الحصول على مساعدة فورية.
وأشار الخبير التركي إلى أنّ الفارق بين نداءي “مايداي” و”بان بان” يُعدّ جوهريًا في عالم الطيران، إذ يُطلق الأول في الحالات التي تهدّد الحياة بشكل مباشر، بينما يُستخدم الثاني عندما يكون الخطر قائمًا من دون أن يبلغ مرحلة الاستغاثة القصوى، محذّرًا من أنّ سوء فهم هذا الفرق قد يقود إلى استنتاجات غير دقيقة بشأن ملابسات الحادث.
من جانبه، رأى رئيس مركز “DIPAM” للدراسات، تولغا ساكمان، في تصريحات لشبكة “سي إن إن”، أنّ حادث تحطّم الطائرة لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي الأوسع، ولا سيّما في ظل التوازنات الحسّاسة في شرق البحر المتوسط. ولفت إلى أنّ هيكلية الجيش الليبي، الذي يتلقّى دعمًا وتدريبًا من تركيا، تشكّل عنصرًا فاعلًا في معادلات المنطقة، ما يضفي على الحادث أبعادًا سياسية واستراتيجية تتجاوز الجانب الفني البحت، داعيًا إلى انتظار نتائج التحقيق الرسمي قبل الجزم بأسبابه.
وفي تطوّر متصل، أعلنت حكومة الوفاق الوطني الليبية، يوم الخميس، إرسال وفد من خبراء الطيران المدني إلى تركيا لمتابعة التحقيقات الجارية في حادث سقوط الطائرة المنكوبة التي كانت تقلّ وفدًا عسكريًا ليبيًا. وأفاد بيان رسمي بأنّ وزارة النقل أوفدت فريقًا من المختصين لجمع المعلومات المتعلّقة بملابسات الحادث ومواكبة التحقيقات الفنية، على أن يرفع الوفد تقريرًا مفصّلًا إلى الجهات الليبية المختصة فور انتهاء مهمته.
وكان وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا قد أعلن، الثلاثاء الماضي، أنّ فرق الدرك تمكّنت من الوصول إلى حطام الطائرة التي كانت تقلّ وفدًا عسكريًا ليبيًا يضمّ رئيس الأركان محمد الحداد وأربعة من مرافقيه. وأوضح أنّ الحطام عُثر عليه على بُعد نحو كيلومترين من قرية “كسيك كاواك”، عقب سقوط الطائرة مساء الثلاثاء الماضي، بعد إقلاعها من مطار “أسن بوغا” في العاصمة أنقرة، متّجهة إلى العاصمة الليبية طرابلس.
ولا تزال التحقيقات التركية مستمرّة لتحديد الأسباب الدقيقة للحادث، وسط ترقّب رسمي وإعلامي لنتائج الفحص الفني للصندوقين الأسودين، وما إذا كان سقوط الطائرة ناجمًا عن خلل تقني، أو حريق مفاجئ، أو عوامل أخرى مرتبطة بالسلامة الجوية.