في ظل ترقّب عربي وإفريقي حذر للتطورات المتسارعة في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، كشفت تقارير إعلامية إثيوبية عن ما أسمته إسرائيل بـ"الاستراتيجية الحمراء"، في توصيف لتحرّك استراتيجي جديد يتركّز على سواحل البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
ونقلت صحيفة "معاريف أونلاين"، استنادًا إلى وكالات أنباء، عن قناة إثيوبية متخصّصة في تحليلات شؤون القرن الإفريقي، سلسلة تقارير تحدثت عن تبلور محور جديد بين إسرائيل وهرغيسا، عاصمة إقليم صوماليلاند. واعتبر محللو القناة أن ما يجري يشكّل "تحالفًا صامتًا" بدأ يظهر إلى العلن، بالتوازي مع التصعيد المستمر في البحر الأحمر.
وأشارت التقارير إلى أن قرار إسرائيل الاعتراف بصوماليلاند يرتبط بشكل مباشر بالتهديدات المتزايدة لأمن خطوط الملاحة البحرية قرب باب المندب، وبالضغوط المتصاعدة على الممرات الحيوية التي تعتمد عليها التجارة الإسرائيلية. ولفت المحللون إلى أن إسرائيل، وفي ظل قناعة بأن الدوريات البحرية لم تعد كافية لتأمين هذا الممر، تسعى إلى إنشاء "نقطة أمامية" تمكّنها من مراقبة تحركات الحوثيين عن قرب، وتوفّر في الوقت نفسه بيئة آمنة لترسيخ وجود عملياتي دائم.
وفي هذا الإطار، عرضت القناة الإثيوبية صوماليلاند كخيار مفضّل مقارنة بالصومال، معتبرة أن الصومال يعاني هشاشة أمنية ونفوذًا خارجيًا واسعًا، بينما يُنظر إلى صوماليلاند ككيان "ذي توجه غربي" يسعى إلى اعتراف دولي، ما يجعله، وفق التقرير، "فرصة استراتيجية" لمخططي الدفاع في إسرائيل.
ورأى المحللون أن المصالح تبدو متبادلة، إذ توفّر صوماليلاند لإسرائيل عمقًا استراتيجيًا غير مسبوق في البحر الأحمر، في مقابل سعي الإقليم إلى نيل اعتراف سياسي ودولي. ووُصف الإقليم بأنه "شريك موثوق ذو أغلبية مسلمة، غير مرتبط بإيران أو تركيا أو الحركات المتطرفة"، معتبرين أن هذا التقارب المحتمل قد ينهي "عقودًا من الصمت" في المنطقة.
في المقابل، حذّرت القناة من المخاطر الكامنة في هذا المسار، مشيرة إلى أن الحكومة الفدرالية الصومالية، المدعومة بحسب التقرير من تركيا وقطر، قد تعتبر أي تقارب إسرائيلي مع صوماليلاند خطوة عدائية، ما قد يقود إلى تصعيد سياسي وأمني ويعقّد مهام حفظ السلام الإقليمية. كما لفت التقرير إلى احتمال ممارسة مصر والمملكة العربية السعودية ضغوطًا على إسرائيل للحؤول دون الإخلال بالتوازنات الإقليمية، في حين قد تنظر إيران وتركيا إلى أي حضور إسرائيلي في صوماليلاند على أنه تهديد مباشر لمصالحهما.
وفي خلاصة هذه التقارير، خلص المحللون الإثيوبيون إلى أن "الحوثيين غيّروا خريطة البحر الأحمر"، وأن أي تعاون فعلي بين إسرائيل وصوماليلاند، في حال ترجم على أرض الواقع، قد يؤدي إلى تغيير قواعد الاشتباك وطبيعة الردود في أحد أكثر الممرات البحرية حيوية في العالم.