"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر
منذ توقيعه منذ 15 عاماً، شغل تفاهم مار مخايل العالم، رغم إدراك الجميع أن غالبية بنوده غير قابلة للتحقيق من جهة، واقتناعهم بأن "بيت قصيده"، هو الـ "Gentlemen agreement" غير المكتوب، الذي حكم الحياة السياسية منذ شباط 2006، قالباً التوازنات والمعادلات، ما جعله هدفاً للتصويب عليه داخلياً وخارجياً، إذ لم يعد خافياً على أحد المفاتحة الأميركية العلنية والمباشرة، للوزير السابق جبران باسيل بالإنسحاب من التفاهم.
هنا تختلف التفسيرات بين الأطراف، فالبرتقاليون يرون فيه ضمانة للوحدة الوطنية والسلم الأهلي، رغم كل سيئاته، وممراً إلزامياً لوصول العماد ميشال عون إلى بعبدا، ووريثه من بعده. أما "حزب الله"، فيرى فيه غطاءً استراتيجياً مسيحياً لازماً، لكسر العزلة التي يعانيها داخلياً. أما خصوم الداخل، فيرون فيه انقلاباً على الدولة لصالح الدويلة لحسابات مصلحية وشخصية، فيما ترى واشنطن في إسقاطه باباً لإعادة التوازن إلى الساحة اللبنانية "عالبارد"، وبالتالي باباً لتحرير لبنان من النفوذ الإيراني وإضعافاً لمحور المقاومة.
في قرارة نفسهم، قد تكون القناعة العونية بأنه حان وقت الإنفصال عن الحزب، بعدما بات إكمال الطريق مسألة انتحار سياسي، بعد فرض العقوبات على باسيل. ويعزّز هذا الخيار، الجو المسيحي العام، خصوصاً داخل قواعد "التيار" التي ترى أنها أعطت أكثر مما أخذت، وهو ما يجد صداه على المستوى القيادي العوني الذي يعتبر أن الأميركيين لا يصبرون، فهم يريدون كل شيء دفعة واحدة وفقاً لأجندتهم. ولكن من يضمن ردّات الفعل وسلامة الوطن والقيادات، في حال اتخاذ أي خطوة من هذا النوع؟ فإذا "ما متت ما شفت مين مات؟".
بعيداً عن المواقف الشامتة، كذلك عن اتهامنا، بالجملة والمفرّق، بالتحريض والسعي لدى أصحاب القرار لإسقاط اتفاق مار مخايل، وبالتالي التحالف بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، لا بد من التوقف عند مجموعة نقاط، كره الكارهون أم قبلوا وأبرزها:
ـ قام هذا التحالف الأعرج على قاعدة "ومِن الحب ما قتل"، وهي النتيجة الوحيدة التي أتى بها للعهد العوني قبل سنتين من انتهائه، فشعار قيام الدولة الذي طالما طالب به العونيون أسقطه لهم الحزب بالضربة القاضية، وهو ما اعترف به بيان "الوطني الحر".
ـ معروف أن "الصديق عند الضيق"، بحسب التقاليد اللبنانية، بمعنى أن الوقوف مع الصديق لا يكون في سبيل تحقيق مصلحة، وهو أمر لم يتحقّق أبداً بين الأصفر والبرتقالي، حيث لم يجد الأخير الأول إلى جانبه في معاركه، إذ كان "يقطع الحبل فيه بنُص البير" متى حقّق مصالحه.
-انتهاء زمن تقديم الهدايا المجانية للحزب، الذي انتهجه "التيار" طوال سنوات التفاهم الماضية، والتي تتجاوز بحجمها كلفة إيصال الرئيس ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.
-قناعة الفريقين بأن القواعد الشعبية لم "تبلع" ولم "تهضم" التحالف ولا نتائجه، خصوصاً من الجهة المسيحية، وما الإشكالات الدائمة التي تنفجر معارك على وسائل التواصل الإجتماعي وفي الحدث على سبيل المثال سوى خير دليل.
-اعتبار العونيين "الفهمانين" أن السبب الأول لانهيار العهد وعرقلة خططه ومشاريعه الإصلاحية هو حزب المقاومة وخياراته بعدم المساعدة والرغبة في بناء الدولة العادلة، حيث لا فساد وتفلّت من العقاب. في كل الأحوال هو أمر طبيعي في جدلية العلاقة بين الدولة والدويلة.
فبصريح العبارة، لقد أوصلت حارة حريك ابنها إلى بعبدا، جاعلة منه الياس سركيس رقم ٢، مع فارق الإنهيار التام على كافة الصعد.
-ضرورة الإعتراف بعدم ثقة الحزب بخيارات الرئيس عون والنائب جبران باسيل، وهو ما دفع إلى ذوبان الدولة بالحزب، خلافاً لما كان عليه الوضع زمن الرئيس إميل لحود، الذي ترك له هامشاً واسعاً سمح بترك خيط رفيع فاصل بين الدولة والدويلة.
خلاصة القول، أن حزب "المقاومة" بات أمام الخيار الصعب، فساعة الحقيقة دقّت:
ـ أولاً: الخيار بات ممراً إلزامياً للإستمرار بالتستّر بالغطاء المسيحي، وعلى حارة حريك حسم موقعها، إما إلى جانب "الإستيذ" وإما إلى جانب "الجنرال"، وبالتالي، عملياً هو خيار حياة أو موت بالنسبة للحزب، إنه الإنتحار بذاته، إذ إنه يمسّ أحد مسلّماته الأساسية وهي "قدسية" الثنائي الشيعي.".
أما ثانياً: حسم الخيار الرئاسي المقبل منذ اليوم لصالح "الوريث الشرعي" النائب جبران باسيل..
يقول "الشاطر حسن": كانت "سِتّي" تردّد, أنا وخيّي عا إبن عمّي وأنا وإبن عمّي عالغريب". ففي زمن الصوت الواحد وموجات الترغيب والتهديد وصولاً إلى التصفية، على العونيين أن يتّعظوا من التجربة، "فالخَي" معروف وكذلك" إبن العم"، لذلك "فالج لا تعالج"، أقلب الطاولة بعدما قلبت عليك..."فمتل ما بتعاملونا سنعاملكم".... وتذكّروا أن الفتنة هي في صالح الضعيف دوماً وهي سلاح يرفعه القوي للتهديد المعنوي.... فقط لا غير...
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News