Beirut
16°
|
Homepage
تفكيك شيفرة حزب الله في البقاع
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 20 حزيران 2018 - 0:25

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

تضج أوساط لا سيما السياسيّة منها بالأسباب الكامنة وراء هذا الكمّ من الانهيار الأمني الذي تشهده منطقة بعلبك ــ الهرمل على نحوٍ لم يكن على هذا المستوى من قبل.

لا عجب أن تتفجّر كل هذه الاحداث في زمن بروز نجم مسلسل "الهيبة". ثمّة مثال يُحتذى به أن الشام تفجّرت في زمن "باب الحارة" واخواته أيضاً! وهنا لا يكمن النقد على مسلسل بعينه، بلّ في سؤال عن الاسباب التي خلّفت ردود فعل عنيفة، والدوافع والتزامن والارتباط بين الاحداث.


ثمّة قراءة بدأت تتسرّب بعض مضامينها للمعنيين والمراقبين على السواء، تشير بوضوح إلى وقوف أسباب غير مألوفة في نبات النزاعات والتفلّت الأمني على هذا النحو. وعلى قدرٍ من الأهميّة راحَ معنيّون يبحثون عن تصريف كلمة "غير مألوفة" بُغية الوصول إلى فهم الحد الأدنى لما وراء هذا الانزلاق الخطير.

هناك سؤال أساسي ينطلق منه المعنيّون مضمونه، "لماذا انفجرت فجأة قصّة الأمن في البقاع على نحوٍ قاسٍ؟" وتخصيص السؤال على نحو أوضح "لماذا انفجرت بعيد الانتخابات؟". التقدير الأوّلي خَلُص إلى تجاوز الأسباب العاديّة التي كانت تتوفّر قبل ذلك لقيام هذه الإشكالات أو تنشط بربوعها، وإن الاعتقاد المُسند على القراءة وصلَ لفهم أن ثمّة أيادٍ تقف خلف ما يجري ظهرت بعض اناملها خلال فترة الانتخابات.

التفسير يجد ما يُعزّز من قيمته بالاستناد إلى القيمة المدفوعة لتغطية مثل هذه الاعمال. فمثلاً، توصّل المعنيّون إلى شبه تقدير لحجم ومصاريف آخر إشكال وقع بين عشيرتي آل جعفر وآل الجمّال، إذ وصلَ ثمن الخرطوش المستخدم من كافة الأعيرة إلى آلاف الدولارات الأميركيّة، فمن يتحمّل هذه المصاريف والأتعاب؟

سادَ ظن أوّلي أن أحد الذين يقفون خلف عشيرة جعفر من تجّار السلاح المعروفين تكفّل بالمصاريف. لكن سرعان ما تبيّن بالدليل أن هذا الشخص لا علاقة له بما جرى، وأساساً سحب خدماته قبل مدّة، ليتّضح أن هناك شخصاً آخر يوضع بمقام "التاجر الصغير" هو من تكفّل بتوفير العتاد اللازم. فمن أين له أن يحصل على كلّ هذه الأموال لتغطية التسليح والانفاق على ما يُقدّر بكتيبة جيش؟

من هنا فتح الباب على مصراعيه للتحقيق بموارد هذا الشخص ومن يشبهونه، ثمّ جرى ربطها بمعلومات وردت في القراءة آنفة الذكر، حول وقوف جهات "نافذة" وراء توفير اللوازم لهؤلاء الأشخاص. وفي تلخصيها الأوّلي للأسباب، يكمن ذلك في نيّة لإرساء منطق جديد يقبض على عنق المنطقة.

المعادلة الجديدة لا ترتبط بالمنطقة بحد ذاتها على وجه التحديد بل تطاول القائم عليها سياسيّاً، ما يدل على أن الاستهداف يضع في أولويّاته أهدافاً سياسيّة ذات مزاريب أمنيّة، تحديداً إرباك وضرب حزب الله لما لهذه المنطقة من أهميّة بالنسبة إليه.

توصّل حزب الله قبل فترة الانتخابات إلى معلومات حول وجود مخطّطات للعبث في منطقة بعلبك – الهرمل، لكنّه خَلُصَ إلى نتيجة أنَّ نشر المعلومات قد يعود بالضرر عليه، إذ ستجد من يردها إلى "نوايا بتخويف أهالي المنطقة لقاء الاستفادة من أصواتهم"، فكان أن عدلَ عن النشر مؤقّتاً.

المفارقة كانت أن المعلومات تلك أسقطت من بالها الخيار الأمني مستبدلةً إياه بخيار ضرب البيئة الاجتماعيّة. انطلاقاً من هنا تفسّر الأوساط المتابعة الأهميّة التي اكتسبتها منطقة بعلبك – الهرمل خلال فترة الانتخابات، والمراهنة على اختراق البيئة الشيعيّة ولو بمقعد نيابي واحد، بمعنى أن الهجوم والاختراق قاما على مبدأ إجتماعي - سياسي لا عسكري - أمني.

لكن الرهانات خلال الانتخابات اتت عكسيّة لما يشتهي أرباب هذه النظريّات، إذ قادت حزب الله لدخول مجلس النوّاب بعلامة شيعيّة كاملة في بعلبك - الهرمل. من هنا يعتبر المعنيّون أن أحد اسباب الانتقام على النتيجة يأتي من بوابة المشاكل القائمة، بمعنى أنه قد اعيد تفعيل الشق الامني بالتوازي مع توفير الاسباب من الشق الاجتماعي.

ولا يقصدون هنا وقوف اشخاص بعينهم خلف افتعال اشكالات رداً على النتائج لكون العدد الاكبر من المتورّطين يحسبون اجتماعيّاً على بيئة الحزب، بل بوجود محرّك يفتعل هذه الاحداث ويجرّهم صوبها بُغية خلق حالة من الارباك كما سبق وذكر.

يعيد الحديث في هذا المقام إلى مؤتمر عُقد في الامارات العربيّة المتّحدة مطلع العام الجاري حمل عنوان "تفكيك شيفرة حزب الله" حضرته شخصيّات شيعيّة لبنانيّة معارضة تمتاز بالعداء العقائدي - البنيوي - الفقهي مع الحزب ومرجعتيّه الدينيّة ولاية الفقيه. استتبع على نحو منفصل تقديم أعضاء في الكونغرس الأميركي مشروع قانون يطلب تسمية حزب الله "منظّمة إجراميّة عابرة للحدود" وهو اقتراح قد يمهّد لتفعيل اساليب "غير مألوفة" لكبح خطره.

بعيداً عن خطابات الحاضرين، كان ثمّة خلاصة فُقِدَ تحليلها لدى العامّة بفعل الاهتمام بالملف الانتخابي، قضت بتأمين الأسباب التي تُتيح تفكيك شيفرة حزب الله، والتوصية كانت البحث والتخصيص اجتماعيّاً، معنى ذلك أن خطط الاستهداف تبدّلت وانتقلت من البُعد الأمني إلى نظيره الاجتماعي الذي يرتبط ببيئة حزب الله مباشرةً.

اللافت أكثر أن عدداً من المحاضرين الشيعة تحدّثوا بإسهاب ووضوح وعلنيّة لامست حدود الوقاحة عن جدوى اعتماد هذه النظريّة، وروّجوا لها لكونها الحلّ الافضل لنزع الشرعيّة عن حزب الله داخل بيئته، مع الاخذ بعناية بعضهم أنها قد تحتاج مدّة للتطبيق لكنّها قد تكون أفضل من اتباع الحلّ الامني الذي "يشد البيئة حول الحزب"، مقترحةً الاستفادة من الأسباب المتوفّرة في هذه البيئة، الاقتصاديّة والاجتماعيّة وغيرها.

وللحقيقة، أن رؤية حزب الله المستجّدة لبعلبك - الهرمل كنقطة رخوة داخل البيئة الاجتماعيّة، وليونة استهدافها أو اختراقها عبر الحروب الناعمة، هي التي دفعت مسؤولي حزب الله وفي مقدمتهم الأمين العام السيد حسن نصرالله لإيلاء المنطقة عناية خاصة واستيعاب التكتّلات المعترضة وفتح النقاش معها، وتخصيص هيئات ولجان توعية وانماء تواظب على دراسة سُبل التطوير، أي أن مكافحة الفساد جاءت كخطوة استباقيّة تهدف إلى إغلاق الثغرات التي قد يتملّص من خلالها المخطّطون.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بالفيديو: محامية تتعرّض للضرب على يد زوج موكلتها 9 200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب! 5 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 1
بعد الإعتداء على محامية وتحرُّك القضاء... إليكم ما فعله الزوج! (فيديو) 10 مع ارتفاع درجة الحرارة... نمر يوضح امكانية "حدوث هزّات أرضية"! 6 "المخابرات السورية تتواقح في لبنان"... إيلي محفوض يكشف عن مؤامرة خبيثة تُحضر! 2
إنخفاضٌ في أسعار المحروقات! 11 "نساء المخابرات" الى الواجهة بين ايران واسرائيل: خداع جنسي وفتاوى تبيح "تسليم الجسد"! 7 إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة 3
أحزمة نار وتدمير بلدات... تطور جهنمي في الجنوب اللبناني! 12 عن الشهيد "حيدر"... حزب الله ينشر فيديو بِعنوان "يستبشرون" 8 "بسحر ساحر تتصل غادة عون"... اليسا تستنكر: "هيدي بأي بلد بتصير"! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر