"ليبانون ديبايت" - شادي هيلانة
المجتمعاتُ والشعوب الحرّة، التي وقفت بوجهِ الإستبداد والطغيان، لتشيّد بدلًا من الأنظمة الشمولية مؤسسات القانون، فأصبحت العدالة صِنوَّ القضاء المستقل الذي إقترن بها.
وعند التأمّل في النظام الدستوري والقانوني لأي دولة في العالم المتحضرِ، نجدها تجتمع وتلتئم على مبدأ استقلال القضاء وتتباهى به وأضحى مبدأً دستوريًا وحقًا أصيلًا يرتبط بحماية حقوق الإنسان، حتّى الدول ذات الأنظمة الشمولية، أصبحت تنادي بهِ ، مما دفعها للإستنكار الدولي.
ونجِد في الدستور مؤشرات على سعي المُشرِّع اللبناني إلى ضمان إستقلال القضاء من خلال النصوص الدستورية والتي كفلَتْهُ , إذ أن القضاء ﻣﺴﺘﻘﻞّ لا سلطان ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻐﻴﺮ القانون ، بناء سُلطة قضائية مُستقلة ، تتولاها اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰ إختلافِ أنواعها ودرﺟﺎﺗﻬﺎ وتصدر أحكامها وِفقًا للقانون ، عندما يُصبح القُضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغيـر القانون, ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة.
وبالتالي فإنّ قيام القاضي بآداء رسالته حُرًا مُطمئنًا آمنًا على مصيرهِ، أكبر ضمان للإفراد والشعب حكامًا ومحكومين.
ولعلَّ من أهم الهيئات القضائية ضمن مكوّنات مجلس القضاء الأعلى في لُبنان المهتمة بالحفاظ على استقلال القضاء ودعمه , وتقوم بمهمة الرقابة والإشراف على حسن الآداء في المحاكم، إلى جانب التفتيش القضائي لعب دورًا بوليسيًا غايتهُ معاقبة القضاة وأعضاء الإدّعاء العام بسبب ما يُصدر منهم من تصرفاتٍ أثناء عملهم القضائي, وعلى المحاكم النظر في شكاوى المواطنين ومراقبة العملية القضائية وبيان مدى التزام القضاة بالسلوك القضائي المهني والشخصي تعمل على دعم إستقلال القضاء !!
صفةُ القاضي المُستقل، صلابة الإرادة، الشجاعة العلمية والأدبية لقول الحق، والحياد في التعامل والمعاملة، بعيدًا عن الأهواءِ والميولِ والتعسّف وسوء إستخدام السلطة والفهم غير الصحيح للمهمة المكلّف بها، التي تتبلور في أساسها على العدالة وإحقاق الحق وإنصاف المظلوم وإعطاء كل ذي حق حقه، والإبتعاد عن كل ما من شأنه أن يبعث الريبة وسوء الظن في السلوك والتصرف والعمل، بما يضمن كرامة القضاء وهيبته واستقلاله.
أخيرًا التخبّط السياسي المُستجِد في هذه المحنة التي تمُر بها البلاد، من العرقلة في التعيينات القضائية، وفرض المحسوبيات على أساس ( قاضي إلك، وقاضي إلي ) لن تُساعد خطة الحكومة الإقتصادية المُنتظرة في محاربة الفساد رُبما، ولا أرى تبريرًا في إستمرار إقفال قصور العدل لغاية الآن، فإنّ البلاد بحاجة طارئة لهذا الطاقم من سلطة قضائية محايدة شفافة، بعدما إنعدمت فيها السلطات، وصولًا للهدف الأسمى وهو تحقيق استقلال القضاء.
|