Beirut
16°
|
Homepage
الهَدف نبيه برّي...!
عبدالله قمح | الخميس 10 أيلول 2020 - 2:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

لم تكفّ الالسن عن النطق بإسم "نبيه بري" كهدف صريح للعقوبات الأميركية طيلة أشهر. تردّد هذا الكلام أكثر من مرة بشكل رسمي وغير رسمي، بل أن أكثر من موفد تولى نقله من واشنطن إلى عين التينة ولا بد من أن رئيس مجلس النواب وضع في صورته.

إلى جانب الرئيس برّي، أدرجَ يومها على اللائحة المفترضة كل من الوزير السابق ومستشار الرئيس ميشال عون سليم جريصاتي ورئيس التيار الوطنيّ الحر جبران باسيل. سمة الجمع بين تلك الأسماء انهم يُتهمون بتوفير خدمات سياسية لحزب الله. لكن "فرمان" وزارة الخزانة الاميركية جاء مختلفاً. أدرجَ كل من معاون الرئيس بري الوزير السابق علي حسن خليل ومعاون رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الوزير يوسف فنيانوس على القائمة، لتلزّم مندرجات العقوبات إلى الوكلاء في رسالة صريحة إلى الاصلاء.


في الجانب السياسي، للفرمان الأميركي قراءته. في المستوى الأول حضر كإستهداف شخصي لبري لما يمثله علي حسن خليل في الوجدان السياسي لعين التينة. في المستوى الثاني جاء كرد على تسلح لبنان بنفس المندرجات التي أعلن عنها سابقاً حيال ملف ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. في المستوى الثالث جاء حضور العقوبات في وقت حساس بغاية دفع شروط بري التفاوضية في مسألة الترسيم بعيداً عما يطلب، وإدخال تغييرات حيوية وجذرية عليها، والاهم ان تزامنها جاء قبيل أسابيع قليلة على عودة المبعوث الاميركي ديفيد شينكر إلى بيروت لبحث هذا الملف تحديداً.

ثمة أهداف استراتيجية أبعد. يبدو أن واشنطن تريد قطع الطريق على أي إمكانية أو احتمال لادوار مستقبلية أكبر يتولاها "حسن خليل". الحديث هنا عن الوراثة السياسية لدور الرئيس بري بعد طول عمر. من الأهداف ايضاً عدم إتاحة الفرصة لمعاون بري أن يبقى معاوناً بذات الثقل او على الاقل تدجينه كي لا يصلح مرة جديدة لأي وزارة قادمة! كل هذا يدل إلى ان واشنطن سعت إلى توفير ظروف ضربة مكتملة العناصر لدور الرئيس بري وحضوره السياسي على الساحة كمثل ما تفعل مع الرئيس ميشال عون وحضور صهره السياسي على الساحة.

في مكان آخر، يشكل ما حدث ضربة لحزب الله. في المنظور الأميركي، أي تحرك "عقابي" يمس البيئة الشيعية من خارج حزب الله يؤثر على هذه البيئة ويرتد سلباً، وقد تظن واشنطن أنه يوفر إثارة حساسيات قديمة بين الحركة والحزب او في بعض جوانب الحركة التي بدأت بالافصاح عن نفسها بشكل أكبر خلال الفترة الماضية، تظن واشنطن أنه قد يصلح توظيفها في إثارة الشغب الداخلي. في هذا الشق تحديداً، أثبتت الظروف الداخلية التي واكبت إسقاط العقوبات على اسم خليل، إستحالة البناء على العقوبات في احداث شغب سياسي سواء في ارباك الساحة الشيعية أو ادخال الرعب الى جسد حركة أمل او دفعها إلى تنفيذ ردود فعل سلبية تجاه الداخل، بل ثبت أنها كانت على قدر كبير من الوعي، لا بل أن كافة المستويات الحركية التفت حول الوزير خليل وفسرت باكراً ما يُحاك، وهنا يمكن ان ندعي ان العقوبات قد رفعت أولويات المقاومة لدى الحركة وأعادت الزخم الإيجابي على مستوى العلاقة مع حزب الله لدى أوساط الحركيين.

على مستوى الوزير السابق يوسف فنيانوس، يمكن القول أن النتيجة كانت متوقعة، فمنذ فترة واسم تيار المردة يتداول اميركياً كجهة صالحة للعقوبات. ولشدة العلاقة الوطيدة التي تجمع الاخضر بحزب الله، لا يمكن الظن باستحالة إسقاط العقوبات على فرنجية أو أي من المقربين اليه.

لكن للعقوبات على فنيانوس نكهة اخرى. هي عقوبات حمالة اوجه، مست حزب الله كأحد ابرز حلفائه على الطرف المسيحي ثم مست فرنجية في محاولة لثني بيئته عن التحالف مع الحزب أو اثارتها في وجهه، وهو اسلوب ترويعي تبرع واشنطن في استخدامه بوجه معارضيها.

الرسالة الأبرز من العقوبات على فنيانوس، ان البيئة المسيحية سيما تلك المتماهية مع حزب الله لم تعد بعيدة عن متناول الوجبات الاميركية، وفي هذا الكلام تلويح صريح بإخضاع البيئة المسيحية عامة إلى مقتضيات العقوبات، وهنا محاولة لتقليب الرأي العام بشكل أكبر على حزب الله بنية استثماره لاحقاً.

يُقال لدى أكثر من مستوى سياسي، ان هذه العقوبات سيكون لها درجة كبيرة من التأثير على البيئات، تأثير نفسي يوفر ظروف التأثير الميداني، ولعل أكثر ما قد يزيد العقوبات تأثيراً، تزامنها وأزمة اقتصادية عنيفة تضرب لبنان. بهذا المعنى يمكن أن تكون للعقوبات تأثيرات سلبية أوسع.

مع ذلك، تبقى الأهداف السياسية على المحك دوماً. هنا، لا يمكن إعفاء ملف تشكيل الحكومة من التأثيرات السلبية لهذا المستوى من العقوبات. هناك من يعتقد أن الرئيس المكلف مصطفى أديب الخاضع لأهواء رعيته السياسية في بيت الوسط وعموم معشر "نادي الرؤساء الأربعة"، سيأخذ في الحسبان ما حصل في العقوبات، ويبدو انه قد قرأ الرسالة جيداً وانطلق منها لطرح المقايضة مع الطائفة الشيعية على حقيبة المالية! هنا بالضبط تتمركز الحساسية، فالثنائي الشيعي أبلغ رسالته بأن لا تنازل عن الحقيبة. لا يقبل تحت أي ذريعة وظرف ومنها العقوبات، التخلي عن وزارة المال وهو يعد ذلك من ضمن قائمة الخسارات ذات البعد الاستراتيجي التي تفوق مسألة تشكيل حكومة في لبنان بأشواط.

في المقابل هناك من يهوّن المسألة، على إعتبار أن طروحات أديب من هذا النوع وفي حال حدوثها، لن تقتصر إلا على "التكتيكات" نسبة إلى أنه يتمتع بعلاقة أكثر من جيدة مع حركة أمل، وبالتالي من غير المعقول أن يقدم مساهمات في سبيل "إخراجها" من وزارة المالية، وهو لذلك سيوزع الادوار بين بري ولقاء رؤساء الحكومات. اضف إلى ذلك أن الرئيس سعد الحريري لن يقدم على إثارة حساسية بري "الصديق" أو أن يضحي في العلاقة معه كرمى لـ"حقيبة"، ما يعني أن المبادرات التي ستحصل لن تخرج عن إطار تبادل الأدوار، مع الاخذ في الاعتبار أن للعقوبات تأثيرات سلبية وإيجابية على مسألة تأليف الحكومة.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 9 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 10 "المخابرات السورية تتواقح في لبنان"... إيلي محفوض يكشف عن مؤامرة خبيثة تُحضر! 6 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 2
"بسحر ساحر تتصل غادة عون"... اليسا تستنكر: "هيدي بأي بلد بتصير"! 11 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 7 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 3
مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 12 نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر