Beirut
16°
|
Homepage
من الصُّدور إلى موسى الصّدر
روني الفا | المصدر: ليبانون ديبايت | الثلاثاء 31 آب 2021 - 14:26

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

عمامة صِلحٍ وحوار. صَلاتُهُ كان يسمعها الحسين والمسيح. من العشيرة خرج موسى الصدر إلى الوطن. سيف ذو الفقار على يمناه وعلى يسراه مريم البتول. فوق الطائفة والمذهب هذا الذهبي المعدن المُفتَقَد في زمن خامات الإسمنت والحديد. قامته في قيمة ما يمثّل وعباءتهُ قماشة أمّة معذَبة. نفتقد إلى بريق عينيه وابتسامته التي لم تفارفه. تغييبُه حضور وحضوره بعد ثلاثة وأربعين عاماً يدجّج الساحات مقاومةً وعزّةً وسؤدداً.

من نصير المحرومين والمظلومين والبؤساء والفقراء والمضطَهَدين إلى أبِ المقاومين والمناضلين والتائقين إلى الحرية. إستولد فينا نحن الذين تربّينا على حلم الإتعتاق الجرأةَ على مواجهة السكّين المشحوذ. واجهنا نصلَهُ بالموقف والكلمة حيناً وبالبندقيّة المقاومة أحياناً أُخَر. معه صارت المقاومة ثقافة ومنهجاً وأسلوب حياة. متديِّنٌ في القلب من دون تعصّب في الذهنية. ورعٌ من دون دَجَل، عفيفٌ من دون كذِب، لبِقٌ من دون تمثيل ولبنانيٌّ في صميم الصّميم.


كان موسى الصّدر متعبّداً لله رافضاً غير متعبّدٍ للمال. إجتهاده في علوم الدين أعطى الدينَ إنسانيّة الإنسان. قرآنُه محبّة وإنجيله محبّة ومَنْ ثَبَتَ في الْمَحَبَّةِ ثَبَتَ في اللّهِ وَثَبَتَ اللّهُ فِيه، لِأنَّ اللّهَ مَحَبَّة. أصلَحَ موسى الصّدر وأنهَضَ ووحّدَ وجمَعَ المتناقضات. آمن بالعلم وسيلة للتحرر وبالحوار سبيلاً إلى الوحدة من دون انصهار وإلى السلام من دون انبطاح وتبعية.

يذكرُه لبنان بجميع عائلاته الروحية هو الذي تنتشر صورته في بيوت المسيحيين والمسلمين في بيروت والبقاع والجنوب وفي كلّ أصقاع العالم الحر. أن يزورك موسى الصّدرفي بيتك ويصلّي معك طِلبَةَ مريَم ويتلو الفاتحة يجعلكَ تتيقّن كم أننا متشابِهون ننهلُ من بحرٍ واحِد ولو كنّا على شواطئ مختلفة.

موسى الصّدر مدرسة كاملة العتاد في العقيدة. علّمنا أن إسرائيل شرٌّ مطلَق وأنَّ العروبَةَ ممكنة إذا تذكّرنا تاريخَنا وأنَّ الرّهان على الخارج رهان من يضرب سيفاً في البَحر. لا السيف يَقطع ولا البحرُ يُقطَع. ثائرٌ على البالي ونصيرُ كل كوفيّة مضطَهَدَة في فلسطين. معه تعلّمنا كيفَ نواجه موبقات العصر من تقسيم وتوطين وتطبيع وسلام خانِع وخاضِع.

معه تيقَنّا أن الثورة الإسلاميّة في إيران ثورة حضاريّة وإنسانيّة، هذا البلد الذي تُقرَع فيه كل يوم أجراس 450 كنيسَة وتنتشر فيه صور قدّيسينا. هو القائل في " نداء الأنبياء" منذ أكثَر من أربعين سنة أنَّ التجربة الإنسانية التي تُخاض في إيران تستحق أن تُدرَّسَ وأن يُدافع عنها ضد الدعاية المغرضة، من قِبل كل من يهتمون بقضايا الإنسان والحضارة.

منذ أربعين سنة وحرماننا يُسمَعُ في طهران ودمشق وفلسطين واليمن وفي العالم الحرّ. نحن المسيحيين الذين حُرِمنا وهُجِّرنا وقُتِلنا وأضطُهِدنا من أجل المسيح تسمَعُنا هذه العواصِم فيما أمم العالم التي تتشدّقُ بالحرية تكذب علينا وتبيعنا وتشترينا وترهننا وتؤجّرنا. معادلة ثَبّتها موسى الصّدر فكان أول من نقل المسيحيين من حالةِ التقوقع إلى حالة الإنفتاح ومن حالةِ الرهانات القاتلة إلى حالة التحالفات الضامنة للوجود.

تماهى موسى الصّدر مع ثورة الإمام الخميني دونَ أن ينسى لبنانيّته. لبنان بالنسبة إليه رسالة حضارة ونموذج. الفاتيكان يعرف ذلك والكنائس الشرقية تصلّي لعودته بالحرارة نفسها التي تميّز صلاة المسلمين لعودته سالماً مع رفيقيه. لبنان نهائي في عقله وقلبه وعقيدته. عدالة إجتماعيّة من دون محاباة ولا تمييز نادى بها في كل عِظاته.

غُيّبَ موسى الصّدر فقيراً لا يمتلك شيئاً. عاشَ على هدي الرسول الأكرم الذي قال في حديثه الشّريف: " طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به ". فليأتِ أي من السياسيين اليوم بهذه الفضيلة لنكون له من التبَعَة المخلصين.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
تحذيرٌ "عاجل" من اليوم "الحارق" المُرتقب... وهؤلاء عرضة للخطر! 9 صدمةٌ بين الأهالي... بلدة لبنانية تستفيق على مأساة! (صورة) 5 يخضع منذ الصباح للتحقيق... والتهمة صادمة! 1
أسعارٌ جديدة للمحروقات! 10 هذا ما يحصل متنياً 6 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 2
اسرائيل تحضّر لـ "اقتحام برّي" في الجنوب والجولان! 11 بعد فصل طالبة لبنانية من جامعة أميركية... دعوةٌ من إعلامي لبناني! (فيديو) 7 "إجتياح من نوع آخر" لمدينة لبنانية! 3
ممارسات إسرائيلية تشكّل تهديداً لمطار بيروت! 12 المهندس "أبو علي" ضحيّة جديدة للإعتداءات الإسرائيلية! 8 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر