Beirut
16°
|
Homepage
أسباب زيارة الأسد غير "السرية" إلى روسيا
المصدر: الحرة | الاربعاء 15 آذار 2023 - 15:31

لا تعد الزيارة التي يجريها رئيس السوري، بشار الأسد إلى روسيا الأولى من نوعها خارج الشرق الأوسط بعد كارثة الزلزال فحسب، بل هي الأولى أيضا "على المستوى الرسمي"، بعدما كان وصوله للقاء حليفه فلاديمير بوتين في موسكو وسوتشي خلال السنوات الماضية يتم دون توقيت معلن وبشكل مسبق، وضمن رحلات تشوبها "السرية".

ووصل الأسد إلى مطار "فنوكولفا" الدولي، مساء يوم الثلاثاء، وحال خروجه من بوابة الطائرة برفقة وفد وزاري كان في إستقباله نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف.

وعبرا سوية أمام حرس الشرف وعلى سجادة حمراء، في وقت كانت الفرق تعزف النشيدين الوطنيين الروسي والسوري.




ومن المقرر أن يلتقي الأسد نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، عصر يوم الأربعاء، في أعقاب قضائه الليلة الأولى في العاصمة موسكو، وبعدما إتجه مع ساعات الصباح لوضع "أكاليل الزهور على ضريح الجندي المجهول في موسكو"، وفق المراسم المعمول بها في روسيا.

وذكر "الكرملين" في بيان أن رئيس السوري وبوتين سيبحثان "تطوير التعاون في المجالات السياسية والتجارية والإقتصادية والإنسانية، فضلا عن آفاق "التوصل إلى تسوية شاملة للوضع في سوريا وحولها".

لكن وبحسب مراقبين روس وسوريين تحدثوا لموقع "الحرة" ترتبط أسباب الزيارة بدرجة أكبر بمسار "بناء الحوار" بين دمشق وأنقرة، ولاسيما في ظل الحديث عن توجه الجانبين لمرحلة ثانية من هذه العملية، والتي بدأت أولا بإجتماع على مستوى وزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات في موسكو، مطلع العام الحالي.

وكانت وسائل إعلام تركية رسمية قالت، قبل أيام، إنه سيتم عقد إجتماع "رباعي" بين تركيا وإيران وروسيا والنظام السوري في موسكو، وخلال يومي 15 و16 شهر آذار، وهو توقيت لم يحسمه الجانب الروسي حتى الآن، فيما إعتبر مسؤولون في دمشق أن اللّقاء على مستوى نواب وزراء الخارجية "لم يحدد موعده بعد".

وكذلك الأمر بالنسبة لإيران، إذ قال كبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني في الشؤون السياسية الخاصة، علي أصغري حاجي لوكالة "سبوتنيك" إنه لم يتم التأكيد بعد على الموعد النهائي للإجتماع الرباعي بين تركيا وروسيا وإيران وسوريا، من موسكو.

وتعقيبًا على تقديم تركيا موعدا في هذا الخصوص، أضاف حاجي أن, "الأتراك ربما تحدثوا عن موعد الإجتماع الرباعي بموعده المبدئي، لكن هذا التاريخ لم تؤكده الدول الأربعة بعد".

وكان آخر لقاء جمع الأسد وبوتين في أيلول 2021، حين أجرى الأول زيارة مفاجئة إلى موسكو، هي الأولى له بعد "فوزه في الإنتخابات الرئاسية" التي حصلت في أيار من العام ذاته.

وأجرى زيارات مماثلة خلال الأعوام 2018 و2017 و2015، إلا أنها كانت سرية ومفاجئة وأُعلن عنها في وقت لاحق.

بدوره أجرى بوتين زيارة إلى سوريا، مطلع عام 2020، زار فيها مركز قيادة القوات الروسية المسلحة في حميميم بريف محافظة اللاذقية، والتقى رئيس النظام بشار الأسد وجها لوجه.

ويعتبر أنطون مارداسوف، وهو محلل روسي وباحث غير مقيم في برنامج سوريا في "معهد الشرق الأوسط" أن زيارة الأسد إلى روسيا "تختلف هذه المرة من زاوية الإعلان عنها فورا وتنظيم حفل إستقبال، وليس بأثر رجعي كما في زياراته السابقة إلى العاصمة الروسية وسوتشي".

ويقول مارداسوف لموقع "الحرة": "من الواضح أن ظروف أمنه لم تتغير، لكن موسكو قررت تغيير الصيغة على ما يبدو لتتماشى مع الترند السائد، حيث كانت زيارات الأسد للإمارات وسلطنة عمان علنية".

وفي أعقاب كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا كان الأسد قد أجرى زيارة إلى سلطنة عمان بذات الأجواء التي خيمّت يوم الثلاثاء في أثناء وصوله إلى موسكو، وقبل ذلك زار دولة الإمارات أيضا، لكن لم يفرش له السجاد الأحمر آنذاك، ولم تعقد له أي مراسم بروتوكولية وتشريفات لافتة.

ويبدو أن, "تغيير صيغة الإستقبال من جانب روسيا" يؤكد أن "موسكو تأخذ في الإعتبار الحقائق في الوقت المناسب، وأن هناك نوعا من الإجماع في المنطقة يسمح للأسد بالتحرك أكثر"، وفق الباحث الروسي.

لكنه يضيف متسائلا: "لماذا لم يستقبل الأسد سابقا استقبالا رسميا في موسكو. يتضح أن هناك نوعا من رد فعل للكرملين على اتصالات الأسد مع الدول الأخرى، كما أن توسيع استقلاليته يجبر موسكو على تغيير شيء ما".

ويضم الوفد المرافق للأسد وزير خارجيته، فيصل المقداد ومنصور عزام وزير شؤون رئاسة الجمهورية وسامر الخليل وزير الإقتصاد والتجارة الخارجية والعماد علي عباس وزير الدفاع وكنان ياغي وزير المالية.

بالإضافة إلى فادي الخليل رئيس هيئة تخطيط الدولة وقيس خضر أمين عام مجلس الوزراء ولونا الشبل المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية وبشار الجعفري سفير سوريا في موسكو.

وسبق وأن نقلت صحيفة "فيدوموستي" الروسية في السادس من آذار الحالي عن خبراء روس قولهم إن "القضايا الإنسانية والعلاقات الدولية ستكون أبرز أجندة هذه الزيارة، إلى جانب ترجيحات بمحاولة الأسد الحصول على مساعدة روسية للتعامل مع آثار الزلزال".

في غضون ذلك "سيطلب الأسد المساعدة لحل أزمة الوقود بعد تعرضه لضغوط إيرانية تتعلق برفع سعر المنتجات النفطية وعدم بيعها بالدَّين".

ولفت الخبراء إلى أن, "اللقاء قد يتضمن الحديث عن تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة".

من جانبه يشير المحلل السياسي المقرب من الخارجية الروسية، رامي الشاعر إلى أن "استقبال الأسد في روسيا يوم الثلاثاء وبهذا الشكل ليس له أي اعتبار آخر سوى أن الزيارة الآن رسمية، وهذا عرف متبع مع جميع الرؤساء الذين يجرون زيارات رسمية".

ويقول لموقع "الحرة": "سابقا كانت زيارات الأسد زيارات عمل لا يتخللها هذه الإجراءات البروتوكولية، وكانت تراعي إجراءات السرية التامة لمغادرة سوريا والعودة إليها برغبة من دمشق".

ويعتقد أن, "سبب عدم الإعلان عن الزيارات سابقا هو أخذ الحذر من نظام دمشق لعدم حدوث مفاجآت أو محاولات انقلاب أثناء غياب الرئيس السوري خارج سوريا".

ويضيف الشاعر: "الجديد حاليا هو أن هذه الزيارة التي فرضت أن تكون علنية ورسمية تشي بأن الأوضاع في سوريا لم تعد تتحمل أكثر من ذلك لبقاء الوضع على حاله".

وحتى الآن لا يعرف ما إذا كانت زيارة الأسد سيوازيها الاجتماع الرباعي على مستوى نواب وزراء الخارجية بين سوريا وتركيا وإيران وروسيا.

ولطالما أكّدت وسائل إعلام مقربة من النظام على "شروط وضمانات" من أجل الإنتقال إلى المرحلة الثانية من عملية "بناء الحوار" بين أنقرة ودمشق، في وقت أكد على ذلك الأسد بنفسه، قائلا في أثناء لقائه وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان: "إن الاجتماعات مع تركيا يجب أن تستند إلى عناوين وأجندة واضحة".

ووفق ما يرى الباحث الروسي أنطون مارداسوف فإن الهدف من زيارة الأسد قد يشمل, "الإتفاق على الإتصالات مع تركيا، حيث تحاول دمشق دون جدوى تعزيز مكانتها"، وصولا إلى "المساعدة في النفط ومواد البناء في ظروف اقتصادية صعبة، خاصة بعد الزلازل".

ومن الواضح أن, "الوضع الإقتصادي في سوريا يحتّم على الأسد أن يقدم بعض التنازلات، لكن الإتصالات المتزايدة مع الإمارات وعمان تسمح له بالحفاظ على عناده".

ولذلك يقول مارداسوف: "لا أرى أي تقدم فيما يتعلق بالتسوية السياسية وأن الشيء الوحيد الذي قد نراه هو إتفاق محتمل على نشر القوات السورية في شمال سوريا بالتنسيق مع تركيا، أو بالأحرى وحدات موالية لروسيا مثل الفرقة 25 من القوات الخاصة".

بدروه اعتبر الكاتب والناشط السياسي السوري، حسن النيفي أن, "زيارة الأسد إلى موسكو تأتي بالفعل في توقيت ربما فيه بعض الحساسية"، كون وصوله يتزامن مع انعقاد لقاء وزاري بين وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران ونظام الأسد.

ويقول النيفي لموقع "الحرة": "روسيا حريصة أن يكون اللقاء الوزاري ناجحا، مع استشعار الجميع أن حكومة الأسد تحاول رفع السقف وهو ما بدا من تقارير صحيفة الوطن بضرورة وجود جدول زمني لانسحاب القوات التركية من سوريا".

ويعتقد الناشط السياسي أن, "روسيا تحرص أيضا أن يتم اللقاء نتيحة التفاهمات التركية الروسية المسبقة. هذا هو الغرض الأساسي من استدعاء رأس النظام، من أجل فرض ضغوط عليه، وإبداء المزيد من المرونة".

ورغم أن صيغة استقبال الأسد في موسكو "متغيرة"، إلا أن النيفي يرى أنها "لا ترقى إلى مستوى سيادي، كون من استقبله نائب وزير الخارجية. هذا التمثيل ضعيف".

ويتابع: "في كل مرة يحاول فيها الروس إهانة الأسد. حتى لافروف لم يستقبله وإنما نائبه. هو بحد ذاته تصور الحجم الحقيقي لبشار الأسد في أعين الروس".

ويوضح المحلل السياسي المقرب من الخارجية الروسية الشاعر أن "هناك إصرارا من دول مجموعة أستانة روسيا وإيران وتركيا لاتخاذ خطوات عملية ومستعجلة لوقف تدهور حالة الشعب السوري بأكمله، والمساهمة في تخفيف الأزمة الإنسانية".

"إذا لم يتم الانتقال فورا بعد لقاء بوتين والأسد إلى تنفيذ جدول أعمال اللقاءات، الذي وضعته دول أستانة وفي مدى لا تتجاوز منتصف هذا العام سيتم اتخاذ موقف جدي لمن يعرقل ذلك".

ومن المفترض أن تكون محطات جدول الأعمال المذكور، أولا باجتماع نواب وزراء الخارجية ومن ثم لقاء الوزراء، وصولا إلى عقد اجتماع بين بشار الأسد والرئيس التركي، رجب طيب إردوغان.

ويقول الشاعر: "القضية لم تعد فقط تقتصر على تقديم تنازلات خلال بضعة أشهر إذا لم يتم التجاوب مع مقررات مؤتمر سوتشي للحوار السوري 2018 وقرار مجلس الأمن 2254 سيعتبر ذلك بدءا لعملية الإنتحار السياسي لكل القوى السياسية المتواجدة في سوريا نظام و معارضة".

ويعتقد أن, "اللقاء بين بوتين والأسد سيسرع من إجراءات عديدة على الأرض في سوريا، وما تم الإتفاق عليه في لقاء وزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات"، كما أنه قد ينقل جدول الإجتماع الرباعي وبشكل فوري من نواب وزراء الخارجية إلى لقاء الوزراء بنفسهم، كتمهيد للقاء الرؤساء.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 9 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 10 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 6 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 2
200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب ويكشف حقيقة جبران! 11 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 7 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 3
بعد إنتحار شاب... نائب يُثير موضوع ألعاب الميسر 12 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر