"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
إستطاعت الحرب الناشبة في فلسطين المحتلة أن تُعدّل في جدول الأعمال السياسية اليومية، وأن تتقدم الملفات الأمنية على ما عداها، أو أن تفرض تأثيراً على أخرى، تماماً كما يحصل في موضوع الفراغ المحتمل أو النزاع المحتمل في قيادة الجيش مع إحالة قائده جوزاف عون إلى التقاعد في شهر كانون الثاني المقبل، والتخوّف من تأثيرات بالغة للفراغ عند حصوله في حالة إستثنائية كالتي نشهدها الآن، ستلقي بثقلها على الجيش والحالة الأمنية بشكل عام، أو تعرِّض البلاد لاهتزاز غير مقبول. لذلك، تُرشّح جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل التي دُعيَ إليها للضرورة، لأن تقدم إجابات حول تلك التساؤلات.
على مسافة أيام قبل اندلاع المعارك داخل كيان العدو الإسرائيلي للمرة الأولى منذ قيامه، كانت تجري نقاشات هادئة بعيداً عن الأضواء بين 3 أركان: رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والنائب السابق وليد جنبلاط، إنضمَ إليها في وقتٍ لاحق "حزب الله". كان عنوان النقاشات إيجاد حلول لمعضلة الفراغ المحتمل في قيادة الجيش، على قاعدة تطبيق النصوص، أي أن يتمّ تعيين رئيس للأركان في الجيش ينوب عن القائد عند غيابه. وللإشارة، ظهر، أن أحداً من بين المذكورين ليس مؤيّداً لفكرة التمديد للقائد. بدا أن الأركان الثلاثة + "حزب الله"، في صدد الدفع صوب التعيين، على أن يتولى جنبلاط تسمية الضابط كونه من حصة الدروز، ومن ثم يمضي الثنائي بري ـ ميقاتي في دعم هذا التوجه. ويتردّد على نحوٍ ضيق، أن جنبلاط يفكر بقائد اللواء الحادي عشر العميد حسّان عودة.
لكن عقبة ظهرت أمامهم، تتعلق بوزير الدفاع. إذ ينصّ القانون أن يتولى الوزير رفع اقتراح التعيين على شكل مرسوم إلى مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح قائد الجيش. في الحالة الراهنة، يعتبر وزير الدفاع رافضاً لجملة أسباب:
- أولاً، أن يتولى مجلس الوزراء بوضعيته القانونية الحالية الملتبسة، التعيين، علماً أن وزير الدفاع هو من ضمن الوزراء المقاطعين للجلسات.
- ثانياً ما يتعلق بتردّي العلاقة بينه وبين قائد الجيش.
- ثالثاً، عدم رغبته السير بأي اقتراح بشكلٍ يأتي معزولاً عن "السلة"، أي تعيين الشواغر كافة في المديرية العامة للإدارة (شيعي) والمفتشية العامة (أرثوذكس) ورئاسة الاركان (درزي) والاهم قيادة الجيش (ماروني).
بناءً على هذا الجو، نمت قناعة لدى الثلاثي بصعوبة تمرير الإقتراح عبر وزير الدفاع، فكان أن أتى أحدهم بفكرة تقوم على دعوة المجلس الأعلى للدفاع إلى اجتماع طارئ، ثم يصدر الأخير "توصية" (بحكم القانون كونه يصدر توصيات فقط) تتعلق بضرورة أن يتمّ تعيين رئيس للأركان في أسرع وقت ممكن "نظراً للظروف الملحّة والخطر الداهم وموضوع الشغور المحتمل في قيادة الجيش"، ثم ترفع التوصية إلى مجلس الوزراء لاتخاذ المقتضى، فيسير الأخير فيها.
المشكلة التي قد تعيق إنتاج الحل وفق هذه الآلية، وربما يسهو عنها من يبدي اهتماماً بالإقتراح، تتصل أساساً في مجموعة إشكاليات من النوع الجدي. ففي البداية، لا يمكن لمجلس الوزراء أن يتجاوز اقتراح وزير الدفاع في شأن تعيين رئيسٍ للأركان. وفي حال تجاوزه، فإن أي مرسوم تعيين في هذا الموقع لا بدّ أن يقترن بتوقيع وزير الدفاع. بالتالي، يصبح أي تعيين يقدم عليه مجلس الوزراء، ويأتي خالياً من توقيع الوزير، موضوع شك يجعله عرضةً للطعن أمام مجلس شورى الدولة. الأساس هُنا: هل يقدم الأطراف الثلاثة + الرابع على طرح هذه الفكرة كمخرج في جلسة مجلس الوزراء التي دُعيَ إليها الخميس المقبل (أو أي جلسة لاحقة) كمخرج حقيقي رغم علمهم بمخاطره، أم لا يطرحون؟
قبل انتظار الإجابة، لا بدّ من الإشارة إلى أن الظرف الحالي، الإستثنائي، أخذ يُستغل على نحوٍ واضح تدريجياً، على اعتبار أنه مدخل حقيقي لمعالجة مشكلة الجيش. وليس سراً أن "حزب الله" تحديداً ومعه آخرون، يرى أن المعركة في فلسطين طويلة ولها انعكاسات على الداخل، يخشى من أي فراغ في مؤسسة الجيش. أكثر من ذلك، يخشى الحزب، إذا وقع الجيش في فراغ، أن يطرح البعض نظرية "إعلان حالة الطوارئ" في عموم البلاد، أي عملياً وضع مقوّمات البلاد والتدبير والإجراءات في عهدة الجيش. هنا، نبدأ بالحديث عن صيغة الإعلان ومضمونها وأسبابها، ولا ننتهي عند عن أي جيش نتحدث أو أي جيش نوكل، من غير المعروف قائده، ووسط نزاع وتعدّد التفسيرات ونشوء الخلافات حول صاحب الأهلية في الإنابة عن القائد بغياب رئيسٍ للأركان.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News