المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الأربعاء 25 تشرين الأول 2023 - 08:17 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

السفراء" يشنّون حرباً في الداخل… تلويح بـ"حصار" وإدارة معركة ضد المقاومة

السفراء" يشنّون حرباً في الداخل… تلويح بـ"حصار" وإدارة معركة ضد المقاومة

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

كلّما تطوّرت الأحداث عند الحافة الجنوبية للجبهة، كلّما أظهرَ المسؤولون الأميركيون إهتماماً بالغاً بمتابعة "أصدقاء الحزب" ومحاولة التقاط أي إشارات تصدر عنهم قد تفيد في تقدير تطور موقف المقاومة. لذلك، يحرص الأميركيون، على سبيل المثال، على إبقاء خطوط اتصالاتهم مفتوحة مع هؤلاء. في المقابل ينهمك كثيرٌ من المسؤولين الرسميين اللبنانيين في محاولة الحصول على أجوبة ومعطيات من السفراء والمسؤولين الغربيين، قد تفيد في فهم دوافع عمليات الإجلاء التي شملت حتى الآن بعض البعثات الدبلوماسية العربية والغربية، وحدودها، وهل هي إجراءات إحترازية أم نابعة من معطيات.

ما يمكن استخلاصه لغاية الآن، أن هناك معركة سياسية داخلية تدور في موازاة المعركة العسكرية المندلعة عند الحدود. وكلّما احتدمت وتيرة الجبهة العسكرية كلّما ارتفع الحضور على الجبهة السياسية. ويؤشّر الوضع الراهن إلى حركة معينة تتولاها بعض السفارات المؤثرة. ويفهم أن وضع الملف الرئاسي على الرف في الوقت الحالي، ليس نابعاً فقط من تطورات الحرب على غزّة، إنما يأتي في سبيل تكريس مزيدٍ من الضغوطات على الوضع اللبناني وربطه بتداعيات الحرب هناك. إزاء ذلك، لا بدّ من ربط الأمور ببعضها من أجل الوصول إلى خلاصات. وعلى هذا الأساس، لا يأتي حراك رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل معزولاً عن السياق أو من خارجه، لاسيّما وأنه شمل ألدّ خصومه في الداخل، وحمل عناوين سياسية وأمنية واضحة سعى رئيس "التيار" إلى محاولة تأمين تفاهمات حولها. ويُفهم أيضاً أن حراك باسيل لم يأتِ مصادفة أو أنه أتى بشكل معزول عن التنسيق مع "حزب الله"، إنما يتّضح أن الحزب يتمثل في عمق الحراك.

ولمزيدٍ من فهم ما يجري داخلياً، لا بدّ من ملاحقة الأجواء التي توزعها بعض السفارات حول ما يمكن أن يحصل في حال تطوّر المعركة العسكرية مع إيحاءات بأنه قد لا يفيد لبنان.

وعلى ما هو واضح، تمارس بعض البعثات ضغوطاً متصاعدة على أكثر من مستوى وأكثر من شخصية. فتشيّع أن لبنان قد يكون معرضاً لحصار ناجم عن تداعيات ما يجري عند الحدود وفي قطاع غزّة، أو في حال اتّساع رقعة المعارك. وإن بعض الدول في طور ما يجري في غزّة، غير جاهزة للتحرك على صعيد جبهة جديدة. ويبدو أن الإستثمار في هذه الأجواء بدأ فعلاً على أكثر من مستوى داخلي. ومع ارتفاع الضغوطات على السلطات اللبنانية، أخذت بعض القوى المعارضة تتحرك بشكلٍ مغاير ومفسّر أكثر، وبدأت تقوم بجولات تحمل طابعاً هجومياً على المقاومة ترافقت مع إجراءات – من طرف واحد - بدأت تُتخذ في المطار وغيره.

وتتعمّد بعض الشخصيات إعلان مواقف سياسية تمثل رفضاً لما يجري عند الحدود الجنوبية، وتحاول إظهار أنها تتموضع في مكان مختلف عمّا هو سائد. ويتحدث البعض من هؤلاء صراحةً عن تحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية ما يحصل وأي تبعات مستقبلية له، فيما البعض الآخر يذهب صوب تصوير الحكومة على أنها منصاعة بالكامل لرغبة "حزب الله"، أو هو مسيطر عليها أو هي تنفذ رغباته، ما قد يضعها بمصاف الشريكة في ما يحدث، وهو ما لم يحبّذه مثلاً أكثر من طرف سياسي على رأسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي فضّل اللجوء إلى "خدمات" يقدمها عادة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، الذي على ما يبدو استنسبَ الفرصة، وأخذ يجود في المواقف السياسية من خارج النص، وأتاح لنفسه التحرك بحرية وبمعزل عن التنسيق مع الآخرين، فيما كان يجد دوماً ميقاتي يقف إلى جانبه لتفسير ما يقوم به، على أنه يأتي في سبيل خلق "التوازن في المواقف" و"لعدم تحميل لبنان أكثر ممّا يحتمل".


وفي الحديث عن الضغوطات، تمارس سفارات محددة أعمالاً مشبوهة في الداخل اللبناني. السفيرة الأميركية على وجه الخصوص، فتحت خطاً مع أطراف سياسية عدة تحرّضهم فيها على ضرورة اتخاذ مواقف واضحة ممّا يجري، فيما يتولّى موظفون في السفارة "تحريك" بعض الجمعيات المدعومة أميركياً. وقد لجأت بعض تلك الجمعيات إلى تعميم أجواء توحي أن ثمة خطراً عظيماً مقبلاً على لبنان، فيما لا يمكن إغفال أدوارٍ تقوم بها بعثات أخرى كالبريطانية والألمانية وبدرجة أقلّ الفرنسية، فيما السفارة السعودية أخذت تروّج لمشهديات "غير مريحة". وفضلاً عن تحرّك مجموعة من المحسوبين عليها في اتجاه الإعتراض على تدخّل "حزب الله" في سير المعركة عبر الإدلاء بمواقف وتحركات ذات طابع سياسي، أوحت أمس أن لبنان في وضع حربي خطير، إذ فضّلت إجلاء عائلات موظفيها من بيروت على متن طائرات تعود لسلاح الجو الملكي وليس الخطوط الجوية السعودية.

وبدا في المشهد الداخلي خلال الأيام الماضية، أن بعض السفراء الغربيين يبدون حرصاً على عدم توسّع الجبهة بشكل يتجاوز وضعها الحالي، أي أن لا تتدحرج إلى خارج منطقة عمل الـ1701، ويلوحون بأن اتسّاع الجبهة سيتحمل مسؤوليته "حزب الله" والحكومة اللبنانية، ولن يكون في مقدورهم التدخل لـ"إعادة التوازن".

ويصرّ الكثير من السفراء خلال اللقاءات التي يجرونها مع مسؤولين لبنانيين أو من خلال التواصل الفردي الجاري مع شخصيات لبنانية، على استطلاع ما يمتلكونه من معطيات حول الجبهة واستفهام مدى الحدود التي سيبلغها الحزب بقتاله، وما إذا كانت لديه خطط للتقدم أكثر وتوسيع رقعة الجبهة. وما يُربك هؤلاء السفراء ما وردهم من معطيات وما شاهدوه من إشراكٍ لقوى لبنانية في القتال ك"الجماعة الإسلامية" و "سرايا المقاومة" ولو أنها تابعة للحزب.

وارتكزت أسئلتهم على إمكان أن تُفتح الجبهة أمام انضمام قوى أخرى حليفة للحزب، ما يؤشّر إلى رغبته في توسيع المعركة وتوحيد الساحات، إلى جانب أسئلة أخرى حول مدى جهوزية الحزب في مناطقه، وحدودها، وكيفية تعاطيه مع التطورات الحالية، ومدى إلمامه بتفاصيل دقيقة، تتصل مثلاً بمسائل الإمداد الغذائي وإلى أي حدود بلغت، ومدى استنفاره الطبي وجهوزيته، وهي بمجملها مؤشرات تفيد في تقدير السقف الزمني الذي يضعه الحزب للمعركة. ولا شكّ أن الحزب، يتصرف اليوم على أساس أنه في حرب، ففتح مخازنه الغذائية للتموين، ووسّع من دائرة التحضيرات الإستشفائية، وزاد من حضوره في مجال تأمين المأوى للنازحين وكل ما يرتبط بهذا المسار.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة