"ليبانون ديبايت"

لبنان مهدّد اليوم بوضعه على اللائحة الرمادية بعد أن استطاع العام الماضي تفادي هذا الخطر الداهم عبر إجراءات قام بها المصرف المركزي من دون أن تحرّك الدولة ساكنا لجهة إقرار قوانين تمنع من وضعه على هذه اللائحة، فهل سيستطيع لبنان تفادي تجرّع هذا الكأس المر في أيلول؟

في هذا الإطار, يؤكد الباحث والخبير الإقتصادي الدكتور محمود جباعي في حديث إلى "ليبانون ديبايت" أن مصرف لبنان قام بكل ما هو مطلوب منه في الأمور النقدية والسياسة النقدية، ممّا يؤدي إلى مكافحة وضع لبنان على اللائحة الرمادية، فهو بطريقة الـ money management" " او الادارة المالية التي يعتمدها وطريقة التعاطي مع وزارة المالية في الموضوع النقدي، ومحاولة السيطرة على الكتل النقدية الموجودة في السوق سواء كانت بالليرة أو بكيفية تحصيل الدولار، وكذلك ما يقوم به من عمليات بيع الليرة أو أخذ الدولار من السوق من التجار وفق المادتين 75 و83 من قانون النقد والتسليف مسجلة بعمليات واضحة تؤكد شفافية الأموال ومصدرها ولا يوجد تعامل مع أحد لا يثبت مصدر أمواله، وكل ذلك مسجل بشكل واضح حتى يرسي قواعد الشفافية المالية والنقدية.

ويوضح أن هذا الأمر هو أحد مطالب الجهات المعنية دولياً المعنية باللائحة الرمادية أو غيرها.

ويرى أن المصرف من طريقة وضع الموجودات لديه والمطلوبات وخسائره وأرباحه المتوقّعة وعمليات التسجيل ضمن أصول المالية الدولية، قد أعطى راحة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات الدولية وأعربوا عن ذلك في عدة لقاءات مع الحاكم بالإنابة.

ويشير جباعي إلى أن المصرف المركزي طلب من المصارف تسجيل كل العمليات المطلوبة للإستيراد إذا أراد أحد فتح اعتماد استيراد أو يضع أموال فرش يتم تسجيل مصدر أمواله بدقة بشكل شفاف وواضح للتأكد من مصدرها.

كما أنه يلفت إلى أهمية تشجيع مصرف لبنان لاستعمال البطاقات الإلكترونية مع وزارة المالية والتي يعمل عليها، وهي برأيه خطوة هامة تخفف من حجم الكاش في السوق وتساعد على ضبط العملية النقدية.

ويلفت إلى أن السياسات اليوم والتعميم 165 الموجود بمصرف لبنان منذ سنتين يحاول الحاكم اليوم تفعيله وهو الذي يقوم بمقاصات للدولار وللشيكات الفرش نوع من القدرة على التعامل بها حتى يسجل هذه العمليات ضمن مسارها النقدي الطبيعي والذي يخفف من احتمال وضع لبنان على اللائحة الرمادية.

ويبدي رأيه كخبير اقتصادي ونقدي أن مصرف لبنان قام بمهامه وكذلك مجموعة (فاتف) كانت تثني دائما في اجتماعاتها على إجراءات المصرف المركزي والمصارف بموضوع الشفافية النقدية والمالية التي تساهم بتأجيل وضع لبنان على اللائحة كما حصل منذ عام.

لكنه يؤكد أن هذا لا يكفي لوحده فعلى القوى السياسية والحكومة والمجلس النيابي جميعهم معنيون بمساعدة إيجاد حلول لأنه طالما لم نقدم حلولاً لموضوع القطاع المصرفي ولم نضع خطة لرد الودائع وإعادة الثقة وعدنا لتحريك العجلة الاقتصادية عبر المصارف ونخفف من اقتصاد الكاش الموجود في السوق الذي يلف بطريقة بعيدة عن التسجيلات الحقيقية، فإذا بقي الأمر على حاله فإن لبنان معرض لوضعه على اللائحة الرمادية.

ويشدّد على أن الخطوة الأساسية التي يمكن أن تساهم أكثر للتخلّص من شبح اللائحة أن لا تضيع الدولة اللبنانية الوقت وتذهب إلى وضع خطة واضحة لكيفية رد الودائع تحدد فيها مسؤولياتها ومسؤولية الجميع وإعاة هيكلة المصارف وفق الاسس المالية متزامنة مع رد الودائع لإعادة تدريجية للثقة للقطاع المصرف.

لكن طالما أن الأزمة المصرفية مستمرة والقطاع المصرفي لم يعد لدوره الطبيعي بتمويل الإستثمار والحصول على الأموال وتحويلها بمختلف الإتجاهات المالية النقدية، فإن جباعي يرى أننا سنبقى ضمن دائرة الخطر بوضعنا على اللائحة الرمادية.

ويذكّر أن من بين الأسباب الكثيرة لتوسع الاقتصاد النقدي هو التهرب الضريبي والجمركي والتهريب عند الحدود والمطلوب اليوم أن يتم ضبطها من أجل التخفيف من وطأة الضغط بهذا المكان.

وإذ يذكر بأننا في حالة حرب في مكان ما ولدينا شغور رئاسي يمكن أن يؤثر، وفي حال انتخاب رئيس وتشكيل حكومة وطبقت الإجراءات المذكورة هذا وحده كفيل أن ننتهي من هذه الهواجس.

ويذكر أن اجتماعات تعقد اليوم بين المصرف المركزي والمسؤولين الدوليين في هذا المجال وسيحاول المصرف قدر المستطاع أن يجنّب هذا الخطر الداهم قبل الشهر العاشر ويقوم بكل الإجراءات ضمن صلاحياته النقدية، ولكن يبقى الدور على السياسة المالية والإقتصادية والوضع السياسي في البلد للخروج من هذه الدوامة