Beirut
23°
|
Homepage
إلى الحرب!
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 07 آب 2024 - 7:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

في وقتٍ كانت الإتصالات الدبلوماسية تنشط مع الإيرانيين من خلال القنوات التقليدية لحثهم على "دوزنة" رد فعلهم على اغتيال رئيس حركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران، كانت الأخيرة تتخذ قرارها بتعليق المشاركة في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بشأن التوصل إلى صفقة تبادل ووقف لإطلاق النار في قطاع غزّة حتى إشعار آخر.
ما سبق رد فعل طبيعي على اغتيال المحاور الأول في المفاوضات بالنسبة إلى حماس.

إلى العسكرة

سعى بنيامين نتنياهو من وراء اغتيال هنية إلى إجبار "حماس" على تقديم المزيد من التنازلات بشكلٍ يقوده إلى إعادة تنشيط المفاوضات وفق أجندته. لكنه اكتشف في ما بعد أن الحركة ذهبت إلى أقصى التشدد في مقارباتها. وثمة من يورد، أن نتنياهو، وربطاً بالإنطباع الذي يقدمه، لا يريد الذهاب إلى التفاوض الآن، بل يريد استهلاك الوقت من أجل تعديل شروط المفاوضات بما يسمح بعلوّ يد إسرائيل. لذلك كان خياره توجيه ضربة إلى "حماس" لاخراجها من التفاوض ومن ثم إعادتها حين تسمح الظروف.
يأتي قرار "حماس" وقف المشاركة في المفاوضات مع إعلانها تعيين رئيسها في غزّة يحيى السنوار، قائداً عاماً أو رئيساً لها، ما أعطى انطباعاً بأن التوجه العام السائد حالياً هو في الذهاب نحو العسكرة أو الحرب، وفي ظله لا مجال للتفاوض الآن.

مثل هذا القرار لا يبدو نابعاً من تقدير "حمساوي" فقط، نظراً إلى أن "حزب الله" قد سبق الحركة إلى قرار وقف المفاوضات غير المباشرة أو التواصل مع المفاوضين أو الوسطاء على المقلب اللبناني، على إثر الغارة على حارة حريك التي أدت لاغتيال القيادي الكبير فؤاد شكر (السيد محسن)، وهو ما ظهّره وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب في تصريح له من القاهرة حين قال إن "الإعتداء الإسرائيلي الأخير (في إشارة منه إلى غارة الضاحية) يقوّض الإتصالات والجهود التي تقوم بها مصر، ويضرب بعرض الحائط مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن. وإن الخطوة الأولى باتجاه وقف التصعيد هي وقف إطلاق النار في غزة".
بهذا المعنى، يصبح قرار وقف المفاوضات عاماً وينطبق على كامل المحور، وقد ترّكت قناة وحيدة مفتوحة تتمثل في إيران.

تعديل الجبهة مع لبنان
شكلت عملية اغتيال شكر إعلاناً إسرائيلياً واضحاً في أن الأخيرة لا ترغب بوقف لإطلاق النار مع لبنان، أو بتطويق العمليات العسكرية الجارية في الجنوب. الأهم، أنها أشارت إلى ما يرغب بنيامين نتنياهو بتحقيقه بحيث أعطى انطباعاً أنه جاهز للتوسع في الحرب، أو في توصيف أدق إلى إجراء تعديل على النموذج الحالي من القتال، بحيث تكون المبادرة له في تعديل قواعد الإشتباك السارية جنوباً منذ الثامن من تشرين الأول الماضي وليس في يد الحزب. وفي ظنّه أن سلب "حزب الله" هذه الميزة ومن ثم التقدم صوب ضرب هدف أمني عسكري في عمق الضاحية، يعيدان شيئاً من قدرات تل أبيب العسكرية، كما أنها تستلزم "حزب الله" في الإرتقاء من جانبه جنوباً فينقل الإشتباك إلى مكانٍ آخر.
ليس سراً أن بنيامين نتنياهو قد نجح في فرض معادلته تلك على محور المقاومة. هو استفاد من الإعلان المتكرّر لهذا المحور في أنه لا يرغب في توسيع الحرب، ما اعتبره نتنياهو نقطة ضعف تعود لمصلحته كونه راغباً في التوسّع. وفي ظل حالة انعدام الوزن السياسي سواء في الولايات المتحدة أو تل أبيب، ذهب رئيس حكومة العدو إلى أقصى مغامرة ممكنة.
لكن الموضوع لا ينتهي هنا. سبق للسيد حسن نصرالله أن ردد مراراً أن الإسرائيلي يستطيع أن يفتتح المعركة بنفسه أو أن يكون المبادر في افتتاحها، لكن ليس في وسعٍه إغلاقها أو التحكم في مصير إغلاقها.

"حزب الله" يتحضر للأسوأ
عملياً ما يجري الآن هو لعب ليس على توقيت بداية توسّع المعركة إنما إقفالها. ومن الواضح أن "حزب الله" يتحضّر لهذا السيناريو جيداً أو أنه وضع نفسه في صورته مسبقاً لكن ليس مستعداً الآن للإقبال عليه لعدة حسابات. تلازماً، هو لا يسعى أو يركض خلف توجيه ضربة إنتقامية لإسرائيل رداً على اغتيال شكر من دون توفر تقديرات عسكرية واضحة، إنما يبحث عن هدف دقيق مناسب ذكي وحقيقي يعيد تفعيل معادلة التوازن بشكل لا يتيح لنتنياهو العودة لاستهداف الضاحية من ضمن أي صيغة. ولا شك أن الهدف الذي يبحث عنه الحزب عسكري بحت هذا إن لم يكن أمنياً، ومن الطبيعي أن الوصول إلى هذا الهدف سيأخذ وقتاً.

المقاومة تُراكم قبل الرد
من الواضح أن الحزب يعتبر أنه غير مقيد في زمان أو مكان أو توقيت، وإن عملية رده تحتاج إلى درس، وهو يستمهل ويترك لعبة الحرب النفسية على الإسرائيلي تأخذ مداها.
من الواضح أيضاً أن "حزب الله" كمقاومة، يستفيد من المرحلة الفاصلة عن رده بتحقيق ضربات ذات ثقل أمني عسكري للرد على التمادي الإسرائيلي، بالإشارة إلى الضربات التي وجهتها المقاومة في الساعات الماضية ووصلت إلى شمال عكا من خلال إبراز دور وقدرة سلاح المسيرات الإنقضاضية حيث استهدف مواقع عسكرية تعود لغولاني وإيغوز في عمق منطقة العمليات الآمنة في المسمى الإسرائيلي وهما وحدات نخبة. وقد نجحت في تحقيق إصابات مباشرة وأدت إلى سقوط إصابات.
مثل هكذا عمليات تأتي بعدما وصلت المبالغة الإسرائيلية في الإعتداءات والقصف والقتل إلى مكان لم يعد مسموحاً تقبّله أو السكوت عنه، لاسيما وأنها تجاوزت الحد المسموح به، وذهبت باتجاه تحدي نصرالله من خلال تعمد إسقاط المدنيين بين الضحايا، في وقتٍ كان السيد يحذر من سقوط المدنيين.

من زاوية أخرى، أضحى الحزب ملزماً برد نوعي، لكسر الطموح الإسرائيلي بتحويل الضاحية إلى نموذج آخر من دمشق وفق البعد الأمني. ففي حال مرّ الرد على اغتيال شكر من دون أثر عسكري واضح أو لم يكن بقيمة الفعل نفسه في الحد الأدنى، فإنه يتيح للإسرائيلي أن يذهب كل يوم إلى تحقيق ضربات وهجمات واغتيالات في عمق الضاحية من دون رادع.
عملياً ظهّر السيد حسن نصرالله خطاب الذهاب إلى الحرب بطريقة هادئة غير انفعالية. صحيح أنه شدد على أن الوقت الحالي لا يوفر فكرة الحرب لإزالة إسرائيل بمعنى أنه قبض على عنصر الحرب الواسعة وأعاد هندسة المفاهيم لدى جمهوره، لكنه في الوقت نفسه، لم يعرب عن عدم رغبة الحزب في إجراء تعديلات على التكتيكات العسكرية المتبعة، بحيث تسمح بالإرتقاء في مقابل ارتقاء إسرائيلي، (وهو ما ستتم ملاحظته خلال الفترة المقبلة) من دون أن يعني ذلك الذهاب إلى حرب واسعة يراهن نتنياهو على جرّ الجميع صوبها.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
إسرائيل تستخدم سلاحًا محرمًا في غارة على الباشورة 9 إعلام إسرائيلي يكشف ملابسات الخسارة في أول معركة برية مع حزب الله 5 "تشييع نصرالله يوم الجمعة"... إعلام إسرائيلي يكشف! 1
أزمة جديدة تطل برأسها... ماذا طلب هؤلاء من النازحين؟! 10 للمرة الأولى... غارة "عنيفة" على القاعدة العسكرية الروسية في سوريا (فيديو) 6 بالفيديو: مشاهد "مثيرة للجدل" من داخل غرفة عمليات الحرس الثوري 2
مصير لبنان بيد رجلين 11 "إنفجارٌ ضخمٌ" يهزُّ دمشق إثر إستهداف إسرائيلي (صور) 7 صور حطام صواريخ الهجوم الإيراني على إسرائيل تكشف "المستور" 3
بصورة لمقاتلات "إف- 35"... رسالة من نتنياهو إلى إيران 12 "ضربة" تُسرّع التفاوض 8 "الأمن" يُلقي القبض على مروّج رسالة مفبركة لإخلاء بلدات جنوبية 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر