خـاص - "ليبانون ديبايت":

تؤكد مصادر قريبة من المهندس أسعد زغيب الذي اوكلت إليه أحزاب التحالف القواتي - العوني - الكتائبي برئاسة لائحة بلدية في زحلة تتقاسم حصصها الأحزاب في مواجهة كسر عظم مع "الكتلة الشعبية"، ان زغيب توصل إلى قناعة بأن قبوله التعاون مع الأحزاب كان خطأً جسيماً حال دون تمكنه من تشكيل اللائحة المنتظر ولادتها منذ حوالى اسبوع.

وقال زغيب لقريبين منه خلال اجتماع عقده قبل ايام قليلة ان "التعاون مع الأحزاب في زحلة كان خطأ استراتيجياً ارتكبه"، وابدى اسفه "لأن الأحزاب تتناتش بعضها البعض من دون رحمة، وهي لا تأخذ في عين الاعتبار مصلحة زحلة العليا". واعتبر زغيب ان "ابتعاده عن الزعيم الراحل الياس سكاف عام 2010 كان غلطة كبيرة اوصلت إلى ما اوصلت إليه".

وأكد احد شهود العيان الذين حضروا الاجتماع ان زغيب "ضرب بيده على الطاولة، ووجه الشتائم إلى الأحزاب في وقت لم يكن فيه أي عنصر حزبي حاضراً الاجتماع الذي خصصه زغيب للقريبين منه".

وابدى زغيب "قرفه" "من الأحزاب ومما وصلت إليه الأمور على صعيد تأليف اللائحة" التي سيرأسها". واعتبر ان "المعركة فقدت روحيتها الإنمائية" التي رفع زغيب شعارها في الأساس و"تحولت إلى تصفية حسابات سياسية، ولم يعد من مجال لرفع لواء التنافس الإنمائي وسط هذه الظروف الحالية".

القوات نادمة
من جهتها، اوضحت مصادر "القوات اللبنانية" انها نادمة على اختيار زغيب خاصةً بعدما تجاهلت مطلب "الكتلة الشعبية" إزاحته كونه "مرشحاً غير وفاقي، لا يضرب الوفاق الزحلي فحسب، بل المسيحي أيضاً وفي الصميم، الأمر الذي يهدد التحالف بين العونيين والقوات".

وتقول المصادر "القواتية" ان "هناك تململاً كبيراً ظهر في الآونة الأخيرة داخل صفوف القوات لأن قيادتهم فرضت عليهم اسعد زغيب". ويرى بعض "القواتيين" ان "فرض زغيب جاء لأهداف مشبوهة، مما اوجد شرخاً كبيراً بين القيادة القواتية وقواعدها الشعبية".

موقف الزحليين
أما الزحليون، فقد بدأ الكثير منهم يعتبر ان "البلبلة الحاصلة بين الأحزاب على تقاسم الحصص تمهد في حال وصول اللائحة المدعومة من الأحزاب إلى حصول شلل في البلدية، تنعكس اضراره على كافة المواطنين الزحليين".

وتشير آخر المعلومات بأن "حظوظ زغيب تتراجع بحيث يمكن ان يترك الساحة في أي وقت بعد فشله في تشكيل اللائحة، فيتجه العونيون ناحية الوزير السابق نقولا فتوش للتحالف معه، ويحصل تقارب بين القوات وسكاف".

وانحت مصادر "التيار الوطني الحر" باللائمة على فرط التحالف إلى انفراد "القوات بالتفاوض دون أي مواكبة من مسؤولي التيار، الأمر الذي افضى إلى مفاوضات تفتقر إلى الشفافية".

وكانت مصادر في الرابية أكدت ان العماد ميشال عون حمّل الناطق بإسم "التيار" سليم جريصاتي، مستشار زغيب ومهندس تحالفاته، وذلك خلال اجتماع عقد في الرابية قبل أيام، مسؤولية فشل الاتفاق في زحلة. واعتبر ان "سوء إدارة المعركة أدى إلى تفرّق شمل القوى الراغبة في حصول الاتفاق مثل التيار والكتلة الشعبية". علماً بأن الطلاق بين "الكتلة الشعبية" و"التيار الوطني الحر" تكرّس منذ الانتخابات البلدية الأخيرة عام 2010، وقد لعب جريصاتي دوراً في إحداث الشرخ بين الطرفين لقياس قوة مرشح "التيار" آنذاك طوني ابو يونس، ومحاولة إفشال لائحة سكاف التي حصدت انتصاراً حاسماً رغم محاولات جريصاتي.

وكانت مصادر زحلية أوضحت ان اسباباً شخصية وخلفيات كيدية وراء عبث جريصاتي بالعلاقة المتينة التي تربط التيار بالكتلة، لاسيما بعد ان رفضت الكتلة تنصيب جريصاتي زعيماً عليها خلفاً لرئيسها الراحل الياس سكاف. فما كان منه إلا ان استخدم بتشجيع من مطران زحلة عصام درويش مقر الكرسي الأبرشي في سيدة النجاة لمهاجمة السيدة ميريام سكاف عقيلة الراحل الياس سكاف وولديها جوزف وجبران، وذلك في مرحلة الحداد التي عقبت وفاة رئيس الكتلة فيما لم يكن قد مرّ اسبوعان بعد على دفنه.

ولم تردّ العائلة يومها على انتقادات جريصاتي، بل لاذت بالصمت احتراماً لحزنها. واعتبر يومها الكثير من الزحليين ان جريصاتي "خرق المحظور" باستغلال التزام العائلة موجب الصمت والحداد، الأمر الذي ضاعف آلام محبيه وعائلته وحالة الحزن الذي كانت تعيشه المدينة بفقدانها زعيماً وطنياً.

وقد اعتبرت مصادر حقوقية أن ما قام به جريصاتي وأفعاله يومها ليست مجرّد خرق للقوانين الوضعية في المجتمعات المتحضرة، بل الأخطر انه قام بزعزعة التقاليد والأعراف الاجتماعية المتوارثة منذ أجيال حول فترة الحداد وضرورات الحفاظ على موجب احترام ذكرى الإنسان الميت، خصوصاً ان الياس بك سكاف هو إنسان عزيز ليس على عائلته بل على شرائح مجتمعية من مختلف الطوائف التي كان يمثلها مع والده وجده وحزبه من قبل.

واوضحت المصادر: "ان مجرّد الإشارة إلى الراحل خلال فترة الحداد أحيت ذكريات أليمة. وان العائلة المفجوعة والمقربين الذين تسبب لهم جريصاتي بجراح شخصية عميقة هم أصحاب حق لرفع دعوى مدنية للتعويض عما اصابهم من ضرر. وذكرت ان ما أقدم عليه جريصاتي يعكر راحة الراحل وسلامه في القبر، إذ ليس وحده الانتهاك المادي للقبور الذي يستجر العقوبة لمرتكبه بل أيضاً يُشكل احترام ذكرى الراحل موجباً يقع تحت حماية الحقوق".